الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مجابهة مصاعب الحياة وأسباب العنوسة دون الإساءة للوالد

السؤال

نحن 3 بنات، أعمارنا بين 37 و 49، وغير متزوجات، أختي الكبرى تحمِّل أبي السبب، وتفتعل المشاكل مع كل العائلة.أصبحت حياتي جحيمًا لا يوصف، أحيانًا وصل بي الحد إلى أن أدعو الله أن يرفعني إليه إن كنت سأعاني المزيد من المشاكل.أناشدكم بالله أن تدعو لي بالفرج في أقرب وقت، فدعوة الأخ لأخيه مستجابة في ظهر الغيب.لقد سئمت الحياة، بكل معنى الكلمة، فقدت حتى الرغبة في العودة للمنزل بعد العمل من كثرة المشاكل والهموم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل أن ييسر لكنَّ أمر الزواج، ويفرج عنكن الكرب، فهو خير مسؤول ونعم المجيب، هو على كل شيء قدير وكل أمر عليه يسير، وقد أمر تعالى بالدعاء ووعد بالإجابة، فهو سبحانه القائل: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، وكلما تحقق في الدعاء شروطه وأسباب إجابته كان أرجى للإجابة، وقد ضمنا الفتوى: 119608، هذه الشروط والأسباب، فراجعيها.

فنوصي بكثرة الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، وربما كان صاحب الحاجة أدعى للإخلاص في دعائه، ويكون أرجى بالقبول.

ومن المنكر أن يضع الوالد العوائق التي تحول دون زواج البنات، وهذا مما يحدث كثيرًا ويكون ذلك سببًا في العنوسة، سواء بالتغالي في المهر، أو المبالغة في الشروط التي توضع على الخطاب، أو لغير ذلك من الأسباب، وهذا مما نبه عليه العلماء كثيرًا وحذروا منه.

فإن كان والدكم قد تسبب في تأخر زواجكن، ولم يكن له سبب معتبر شرعًا، فقد أساء بذلك إساءة عظيمة، ولكنه يبقى والدًا، لا تجوز مقابلة إساءته بالإساءة إليه، فيكون العقوق الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعظم أسباب سخط علام الغيوب، وسبق بيان خطورته في الفتوى: 370030، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى: 78838.

وإذا حصل البلاء، فلا يجدي السخط، فإنه لا يأتي بمرغوب ولا يدفع مرهوبًا، بل ينبغي التسلي بالصبر، ففيه العاقبة الحسنة، ويمكن مطالعة النصوص الواردة في فضله في الفتوى: 18103، فنوصي أختك الكبرى بأن تتقي الله في نفسها وفي أهلها، فلا تنكد عليهم حياتهم بما لا طائل من ورائه، وينبغي أن تنصح في ذلك برفق ولين.

ووصيتنا لك خاصة بأن تجتهدي في التشاغل عن تصرفات أختك، وشغل نفسك بما ينفعها، وخاصة الذكر والاستغفار، فقد قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}. وهنالك كتاب نرشد إليه وهو يناسب حالكم وهو كتاب: (لا تحزن) للدكتور عائض القرني، وهو متوفر إلكترونيا فيمكن تحميله وقراءته والانتفاع به، وكذلك الكتب التي تتكلم عن سير الصالحات.

بقي أن ننبه إلى أن المرأة يجوز لها شرعًا أن تبحث عن الأزواج، فتستعين في ذلك بمن تثق بهم من الأقرباء والصديقات، بل ولها أن تعرض نفسها على من ترغب في زواجه منها، فقد فعل ذلك بعض خيرات النساء، وراجعي الفتوى: 18430.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني