الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

صاحب الدين والخلق خير ما تحرص عليه المرأة

السؤال

أنا فتاة أبلغ من العمر 26 سنة، أشعر بالسوء دائماً من نفسي. هل أوافق على شاب تقدم لخطبتي وهو لا يصلي، رغم أنني إنسانه عاصية. هل أجعل القدر يرميني بيد من لا يرحمني ويعذبني، لا أعرف ماذا أختار؟ أريد أن أقلع عن الذنوب، وأريد أن يعفو الله عني، لا أريد أن أتزوج شخصا لا يعينني على طاعة الله، رغم أنني إنسانة سيئة وأفعل الذنوب؟!

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله عز وجل لك الهداية والتوفيق للتوبة النصوح، ونوصيك بكثرة الدعاء بأن يتوب الله عليك، فمن تاب عليه وفقه للتوبة وقبلها منه، كما قال في محكم كتابه: وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {التوبة:118}، وقال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.

قال ابن القيم: وتوبة العبد إلى ربه محفوفة بتوبة من الله عليه قبلها، وتوبة منه بعدها، فتوبته بين توبتين من الله سابقة ولاحقة، فإنه تاب عليه أولًا إذنًا وتوفيقًا وإلهامًا، فتاب العبد، فتاب الله عليه ثانيًا قبولًا وإثابة..... اهـ.

فبادري إلى التوبة، فذلك خير لدينك ودنياك، فقد يوفقك الله بسببها إلى الزواج من رجل صالح، يعينك في طريق السير إلى الله تعالى، فتتحقق لك سعادة الدنيا والآخرة معا، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا {الطلاق:2}.

وراجعي الفتوى: 29785، ففيها بيان شروط التوبة، وانظري للمزيد، الفتاوى: 10800، 1208، 12928، ففيها بيان أسباب الاستقامة والمعينات على الثبات عليها.

واحرصي على اختيار صاحب الدين والخلق من الأزواج، امتثالا للتوجيه النبوي الوارد في الحديث الذي رواه الترمذي وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض.

وفي شرح السنن للبغوي عن الحسن البصري أنه جاءه رجل، فقال له: قد خطب ابنتي جماعة، فمن أزوجها؟ قال: ممن يتقي الله، فإن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها.
وأما تارك الصلاة، فلا تقبلي به زوجا -ولا كرامة- فإنه يكفيه من الشر أن بعض أهل العلم قد ذهب إلى كفره، وخروجه من ملة الإسلام ولو كان تركه لها كسلا. ومن لا يعرف لربه حقا، كيف يرجى أن يعرف لزوجته، أو غيرها من خلقه حقا؟!.

وننبه في الختام إلى أنه يجوز شرعا أن تعرض المرأة نفسها على من ترغب في زواجه منها، وأن تبحث عن الأزواج وتستعين بمن تشاء من الثقات في ذلك، وراجعي فتوانا: 18430.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني