الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التغير المفاجئ في طباع المرأة وطلبها الطلاق

السؤال

أنا متزوج منذ سنتين، وقد رزقت بنتًا، وعندما كنت خاطبًا زوجتي جامعتها في دبرها عدة مرات، وقبل عقد قِراني عزمنا على ألا نفعل هذه الجريمة مرة أخرى، وتزوجنا، وبعد أن تزوجنا ولمدة ثلاثة أشهر في أول الزواج، كانت الشهوة تغلبنا، وفعلنا ذلك عدة مرات بعد الزواج، وبعد ذلك اتفقنا على ألا نفعل ذلك الغلط، وفعلًا لم نفعل أي شيء غلط بعد ذلك، وأنا الآن على مشارف الطلاق بسبب المشاكل، وأقول لها: فكّري في الغلط الذي كنا نفعله، ولا بد أن نتحمل؛ لأننا غلطنا كثيرًا، وربنا يعاقبنا.
وهي تتكلم معي بطريقة مستفزة، وأصبحت امرأة أخرى، مختلفة عن التي تزوجتها، وأخوها كان يقف معها حتى لو كانت مخطئة، ولا يوجد شخص آخر أتعامل معه غير أخيها، وأصبحت تقلب الحق باطلًا، والباطل حقًّا، وتقول كلامًا لم يقع، ولا أعرف ماذا أفعل؟ وبنتي ليس لها ذنب، فأفيدوني.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كان هذا الغلط الذي أشرت إليه بالسؤال، هو إتيان هذه المرأة في دبرها، والإيلاج فيه، فهذا منكر من المنكرات العظيمة، ومن موجبات لعن صاحبه، كما سبق بيانه في الفتوى: 21484.

وسواء في ذلك فعلكما له قبل الزواج أم بعده، فكل ذلك منكر، تجب التوبة منه، وانظر شروط التوبة في الفتوى: 5450.

وقد جاءت السنة بنهي الزوجة عن طلب الطلاق من زوجها لغير مسوغ شرعي، ويمكن مطالعة الفتوى: 37112، ففيها بيان مسوغات طلب الطلاق.

وعلى تقدير وجود مسوغ؛ فقد لا يكون الطلاق هو الأصلح، فينبغي المصير إلى الصلح، فقد قال الله عز وجل: وَالصُّلْحُ خَيْرٌ {النساء:128}، كما أن علاج نشوز المرأة، جعله الشرع في خطوات، ليس الطلاق بأولها، وقد بيناها في الفتوى: 1103.

وإن كان أخوها يؤيدها، ولو كانت مخطئة، فإنه مسيء بذلك، بل ينبغي له أن ينصحها، ويعينك في سبيل ردها إلى صوابها.

فإن فشلت مساعي وسبل الإصلاح، واستحالت العشرة، فقد يكون الطلاق هو الأفضل، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

وإن لم يكن الضرر من قبلك، فمن حقك أن تمتنع عن تطليقها؛ حتى تفتدي منك بمال، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 352879.

وننبه إلى أمرين:

الأمر الأول: إن حصل الطلاق، فحضانة هذه البنت حق لأمها، إلا إذا تزوجت، أو قام بها ما يمنع استحقاقها الحضانة، فتسقط عنها حضانتها، وتنتقل إلى من هي أولى بها، كأم الأم مثلًا، حسب الترتيب الذي بينه الفقهاء، وتجده في الفتوى: 6256.

الأمر الثاني: أن التغير المفاجئ في طباع المرأة أو الرجل، قد يكون مؤشرًا على حصول أمر غير عادي -كالسحر، والمس، والعين مثلًا-، فإن غلب على الظن ذلك، فينبغي الحرص على الرقية الشرعية، وراجع الفتوى: 7967، والفتوى: 4310.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني