الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نقل رسائل الخاطب التي تحوي كلمات حب لمخطوبته

السؤال

أقوم بنقل رسائل من أهالي معتقلين إلى ذويهم، والعكس، ومن ضمنهم خاطب معتقل، وخطيبته في الخارج، وتحتوي الرسائل على كلمات حب: (قسمًا بعشقك. نفسي تضميني. قريبًا ستكونين في حضني. أحبك. يا روح الروح. صورك جننتني)، فهل يجوز لي إيصالها؟ وهل عليّ إثم؟ وجزيتم خيرًا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يفرج عن المكروبين من المسلمين، وأن يفك أسرهم.

واعلمي أن المخطوبة أجنبية عن الخاطب حتى يعقد عليها، يعاملها كما يعامل سائر النساء الأجنبيات، فلا يحل له أن يراسلها بالعبارات الغزلية والعاطفية، قال ابن عثيمين: المخطوبة أجنبيةٌ من الخاطب، لا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة؛ حتى يعقد عليها.

وعلى هذا؛ فلا يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة، أو أن يتصل بها، إلا بالقدر الذي أباحه الشرع.

والذي أباحه الشرع هو: أنه إذا عزم على خطبة امرأة، فإنه ينظر إليها .. ولكن بدون أن يتحدث معها، اللهم إلا بقدر الضرورة، كما لو كان عند النظر إليها بحضور وليها يتحدث معها مثلًا بقدر الضرورة، مثل أن يقول مثلًا: هل تشترطين كذا، أو تشترطين كذا؟ وما أشبه ذلك.

أما محادثتها في الهاتف -حتى إن بعضهم ليحدثها الساعة، والساعتين-، فإن هذا حرام، ولا يحل.

يقول بعض الخاطبين: إنني أحدثها من أجل أن أفهم عن حالها، وأفهمها عن حالي، فيقال: ما دمت قد أقدمت على الخطبة، فإنك لم تقدم إلا وقد عرفت الشيء الكثير من حالها، ولم تقبل هي إلا وقد عرفت الشيء الكثير عن حالك، فلا حاجة إلى المكالمة بالهاتف، والغالب أن المكالمة بالهاتف للخطيبة، لا تخلو من شهوةٍ، أو تمتع بشهوة، يعني شهوة جنسية، أو تمتع، يعني تلذذ بمخاطبتها، أو مكالمتها وهي لا تحل له الآن، حتى يتمتع بمخاطبتها، أو يتلذذ. اهـ. من فتاوى نور على الدرب.

وانظري الفتوى: 31283.

وبناء على ذلك؛ فلا يجوز لك نقل هذه الرسائل التي سألت عنها؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم، ومن القواعد المقررة في الشرع: إن الإعانة على معصية الله محرمة؛ لقوله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}، قال ابن تيمية: إذا أعان الرجل على معصية الله، كان آثمًا؛ لأنه أعان على الإثم، والعدوان؛ ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومشتريها، وساقيها، وشاربها، وآكل ثمنها، وأكثر هؤلاء -كالعاصر، والحامل، والساقي-، إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالًا محرمًا، كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ. من مجموع الفتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني