الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الفرق بين العفو والمغفرة وأيهما أبلغ

السؤال

في سورة البقرة قال الله تعالى: {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا}، فهل العفو هو الغفران، مع محو من الصحيفة، والغفران مغفرة دون محو؟
1- في دعاء المؤمنين دعوا بالعفو، ثم الغفران، وأعتقد بذلك أنهما شيئان مختلفان.
2- الله تعالى في القرآن أمر بالاستغفار أكثر من طلب العفو، ولو كان العفو نفس الغفران لكن مع المحو؛ لكان أولى أن يطلبه الله أكثر من المغفرة.
3- ذكر الله أن الاستغفار ليس مغفرة الذنوب فقط، بل هو سبب في الرزق، والخيرات، وسبب في رحمة الله، ولم يذكر ذلك عن العفو.
4- ويساعد في فهم الفرق بينهما أنهما مختلفان في حرف الجر المقترن معهما، ففي العفو: "عنا"، وفي المغفرة: "لنا".

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف العلماء في الفرق بين العفو والمغفرة، وأيهما أبلغ، وقد فصلناه في الفتوى: 115136، فقيل: العفو ينبئ عن المحو -كما نقلت في سؤالك-، وأما المغفرة فتنبئ عن الستر، فيكون العفو أبلغ من المغفرة؛ لأن المحو أبلغ من الستر.

وقيل: بل المغفرة أبلغ من العفو، وهذا ما رجحه ابن تيمية، فقال: ثم سألوه العفو، والمغفرة، والرحمة، والنصر على الأعداء؛ فإن بهذه الأربعة تتم لهم النعمة المطلقة، ولا يصفو عيش في الدنيا والآخرة، إلا بها، وعليها مدار السعادة، والفلاح:

فالعفو متضمن لإسقاط حقه قبلهم، ومسامحتهم به.

والمغفرة متضمنة لوقايتهم شر ذنوبهم، وإقباله عليهم، ورضاه عنهم؛ بخلاف العفو المجرد؛ فإن العافي قد يعفو، ولا يقبل على من عفا عنه، ولا يرضى عنه، فالعفو ترك محض، والمغفرة إحسان، وفضل، وجود.

والرحمة متضمنة للأمرين، مع زيادة الإحسان، والعطف، والبر.

فالثلاثة تتضمن النجاة من الشر، والفوز بالخير. اهـ. من مجموع الفتاوى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني