الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الترهيب من الحرام والاقتراض بالربا

السؤال

أريد شراء منزل بقرض من البنك، والبنك يضع عمولة قدرها 4.6% من قيمة القرض. يعني على سبيل المثال لو كان سعر المنزل ب 168900، سوف يكون القرض كالآتي: القسط الأولي 60000، وبعدها 1003 في الشهر، لمدة 15 سنة، أي 1003*12 شهر * 15 سنة يساوي 180540 بعد 15 سنة، إضافة إلى القسط الأول وهو 60000. يصبح المجموع 240540.
سؤالي: هل هذا حلال أو حرام؟ أريد رأي الدين فيه.
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالمعاملة على النحو الذي ذكرته، لا تجوز؛ لأنها قرض ربوي صريح، والربا من أعظم المحرمات، فقد توعد الله عليه بما لم يتوعد على غيره من الذنوب؛ إذ توعد أهله بالحرب، فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ.[البقرة: 278، 279]. ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، وكاتبه وشاهديه وقال: "هم سواء" رواه مسلم.

وسبل الحلال وبدائل الحرام كثيرة، لمن تحراها وابتغاها؛ قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً [الطلاق:4].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنك لن تدع شيئاً لله عز وجل، إلا بدَّلك الله به ما هو خير لك منه. رواه أحمد بإسناد صحيح.
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تستبطئوا الرزق، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال، وترك الحرام. رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم وقال: على شرطهما.

وعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: قام النبي صلى الله عليه وسلم فدعا الناس، فقال: هلموا إليَّ، فأقبلوا إليه فجلسوا، فقال: هذا رسول رب العالمين جبريل، نفث في روعي أنه: لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وإن أبطأ عليها، فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب، ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه البزار وقال: لا نعلمه يروى عن حذيفة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وقال المنذري: رواه البزار، ورواته ثقات، إلا قدامة بن زائدة بن قدامة؛ فإنه لا يحضرني فيه جرح ولا تعديل. وللحديث شواهد كثيرة ذكر بعضها الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
نسأل الله تعالى أن يزيدك حرصا وثباتا، وأن ييسر أمرك، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني