الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أثر استعمال المبيع على خيار الشرط

السؤال

اشتريت ثوبًا جديدًا بمائة ريال، ثم في اليوم التالي وجدت تخفيضًا على مثيله في المحل، فأصبح سعره سبعين ريالًا، وأريد أن أرجع الثوب الذي هو بسعر مائة ريال، ثم أشتريه مرة أخرى بسبعين ريالًا، علمًا أنه يحق لي إرجاع السلعة خلال ثلاثة أيام، فهل هذا جائز؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فما دام نظام المحل أن للمشتري الحق في إعادة السلعة خلال ثلاثة أيام، فلك الحق في إعادتها تلك المدة، وفق ذلك الشرط، وأخذ ما دفعته، وهذا من قبيل خيار الشرط للمشتري في البيع، وهو جائز في الجملة عند عامة العلماء، قال ابن قدامة: خيار الشرط، نحو: أن يشترط الخيار في البيع مدة معلومة، فيجوز بالإجماع، ويثبت فيما يتفقان عليه من المدة المعلومة، وإن زادت على ثلاث؛ لأنه حق يعتمد الشرط، فجاز ذلك فيه، كالأجل، ويجوز شرطه لأحدهما دون صاحبه، ولأحدهما أكثر من صاحبه؛ لأنه ثبت بشرطهما، فكان على حسبه. اهـ.

لكن إن كنت لبست الثوب -لغير تجربته-، فإن استعمال المبيع لغير تجربته، يسقط خيار الشرط عند الجمهور؛ لأنه يدل على الرضا، والإمضاء، جاء في المغني لابن قدامة: ومتى تصرف المشتري في المبيع في مدة الخيار تصرفًا يختص بالملك، بطل خياره، كركوب الدابة لحاجته، أو سفر، أو حمله عليها، أو سكنى الدار، فما وجد من هذا، فهو رضاء بالمبيع، ويبطل به خياره؛ لأن الخيار يبطل بالتصريح بالرضاء، وبدلالته، ... فأما ركوب الدابة لينظر سيرها، والطحن على الرحى ليعلم قدر طحنها، وحلب الشاة ليعلم قدر لبنها، ونحو ذلك، فليس برضا بالبيع، ولا يبطل خياره؛ لأن ذلك هو المقصود بالخيار، وهو اختبار المبيع، وذكر أبو الخطاب وجهًا في أن تصرف المشتري، لا يبطل خياره، ولا يبطل إلا بالتصريح بالرضا. ولا يصح؛ لأن هذا يتضمن إجازة البيع، ويدل على الرضا به، فبطل به الخيار، كصريح القول. ولأن التصريح إنما أبطل الخيار؛ لدلالته على الرضا به، فما دل على الرضا به، يقوم مقامه، ككنايات الطلاق، تقوم مقام صريحه. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني