الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يستسمح الكافر غير الحربي من الغيبة كما يستسمح المسلم؟

السؤال

في جواب سؤالي السابق عن غيبة الكفار، أحلتموني على سؤالين، تعلمت منهما: أنه يجب للتوبة من الغيبة استسماح من اغتبته، وقلتم: إن غيبة الكافر لا تختلف عن غيبة المسلم، فهي تحرم أيضًا في الأصل، إلا الكافر الحربي، فهل أستسمح الكافر غير الحربي، كما أستسمح المسلم من الغيبة، أو السب، وسوء الظن، ونحوه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فمسألة غيبة الكافر، محل خلاف بين أهل العلم، راجع فيه الفتويين: 219355، 23256.

وعلى القول بحرمتها في حق غير الحربي، فهل يلزم التائب منها أن يستحله كما يستحل المسلم؟

لم نجد من نص على ذلك من أهل العلم بحسب بحثنا, وإن كان إطلاقهم في حكم غيبة الذمي يقتضيه، حيث نصوا على أنه كالمسلم في المنع من الإيذاء، والاستحلال يعوض هذا الإيذاء.

ومن هذه الإطلاقات، إطلاق الغزالي، حيث قال ابن حجر الهيتمي في الزواجر: سئل الغزالي في فتاويه عن غيبة الكافر؟

فقال:

هي في حق المسلم محذورة؛ لثلاث علل: الإيذاء، وتنقيص خلق الله؛ فإن الله خالق لأفعال العباد، وتضييع الوقت بما لا يعني.

قال: والأولى: تقتضي التحريم، والثانية: الكراهة، والثالثة: خلاف الأولى.

وأما الذمي: فكالمسلم فيما يرجع إلى المنع من الإيذاء؛ لأن الشرع عصم عرضه، ودمه، وماله. اهـ.

فإن لم يستطع الاستحلال منه، فيسعه أن يدعو له بالهداية، أو حصول خير الدنيا، قال الرملي في نهاية المحتاج: لو اغتاب ذميًّا، فهل يسوغ الدعاء له بالمغفرة؛ ليتخلص هو من إثم الغيبة أو لا، ويكتفي بالندم؛ لامتناع الدعاء بالمغفرة للكافر؟

كلٌّ محتمل، والأقرب أنه يدعو له بمغفرة غير الشرك، أو كثرة المال، ونحوه، مع الندم. اهـ. وانظر للفائدة، الفتاوى: 138882، 171183، 215656.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني