الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الانتفاع بالإعانة إذا صار صاحبها بموجب النظام الجديد غير مستحق لها

السؤال

كان يصرف لولدي إعانة بسبب إعاقة، ثم تغير نظام الإعانات، وصار ولدي لا يستحق الإعانة بموجب النظام الجديد، ولكنها ما زالت تصرف له؛ لأنه مسجل من قبل، وقد خاطبت الإدارة المسؤولة لمعرفة حكم هذه الإعانة، وهل تحل لولدي أو لا، فأخبروني أن ولدي يصرف له إعانة في نظامهم، وأنني في حالة رغبتي في إلغائها، فإنه يتوجب عليَّ كتابة إقرار اختياري برغبتي في إلغاء الإعانة، فأخبرتهم بأنني لن أحرم ولدي من هذه الإعانة باختياري، وأنا لا أعلم ما سيحدث مستقبلًا، وأنني أريد أن أعرف هل تحلّ له أو لا، وأنه يجب عليهم هم تحديد هذا الأمر، ولست أنا، فأخبروني بأنه يتوجب عليَّ إحضار تقارير من الجهة التي تعالج ولدي، وبعدها سيقررون، ولم أتمكن من استخراج كل التقارير؛ بسبب عدم تجاوب ولدي مع إحدى العيادات المعالجة له، وقد قمت بترك حساب ولدي، فالإعانة تودع فيه، ولكنني لا أصرفها؛ حتى أتأكد بعد استخراج كل التقارير، ثم مراجعة إدارة الإعانة بالتقارير المطلوبة لتحديد أحقيته من عدمها، مع العلم أن جميعنا -أنا، والإدارة- نعلم يقينًا بعدم استحقاقه لهذه الإعانة؛ لأن جدول الإعاقات الجديد لم يذكر فيه الإعاقة الخاصة بولدي، كما كان سابقًا، ولكن تم تحويل الإعانة الخاصة بهذه الإعاقة إلى إدارة أخرى، وهو الآن تصرف له الإعانة من الإدارتين جميعًا، فهل يحلّ لي أخذ الأموال التي تصرف إعانةً من الإدارة السابقة، وتسديد الرسوم التي فرضت عليّ من الدولة من هذه الأموال؛ حتى أتخلص من العبء الذي أحمله من جراء بقاء هذه الرسوم دون تسديد؟ علمًا أنني فقير حاليًّا، ولا أملك مالًا، وقد خرجت مؤخرًا من السجن، ولا أستطيع التحرك، وعليّ حكم بالتنفيذ في قرض بنكي من وظيفة سابقة أيضًا، وصرت معلقًا، ولا أستطيع إنهاء بعض الإجراءات الشخصية، وأصبحت أعاني من المعوقات، وبقاء هذه الرسوم دون تسديد، سيؤخر إنهاء هذه التراخيص وإلغائها، وسيكلفني زيادة رسوم أخرى تلحق بها من إدارات أخرى؛ بسبب تأخري في إلغائها؛ حيث إنها رسوم إلغاء تراخيص محلات تجارية غير حقيقية، كانت مسجلة باسمي؛ لغرض كفالة عمالة أجنبية، وبقاء هذه التراخيص دون إلغاء، سيتسبب في تعطلي، ويمكن أن أسأل عن هذه التراخيص المخالفة، أو أعاقب، وكل تأخير في سداد الرسوم، سيزيد مشاكلي، ويؤخرها، وسيشق عليَّ.
وقد استفتيت عالمًا كبيرًا عن حكم جواز سداد رسوم الدولة من إعانة الدولة، ولكنني لم أشرح له ما شرحته لكم، ولم أذكر له الفقر الذي أعانيه، والمشقة التي أجابهها، ولكني سألته عن جواز أخذها، وتسديد الرسوم الحكومية منها، وأعلمته أنني لست تاجرًا، وإنما كانت المسألة خاصة بكفالة عمال، فقال لي: إن كانت هذه الأموال حقًّا للحكومة، فلا أرى أن تأخذها، وإن كانت من حق ولدك، فلا أرى أن تأخذها، وتسدد بها الرسوم التي عليك.
سؤالي هذا ليس تعنتًا، أو بحثًا عن الرخص الشرعية، ولكنني في حيرة، خصوصًا أن وضعي كما ذكرت، وهذه الإعانة إعانة معاق، ولن يلحقني من أخذها، والسداد بها أي مضرة، أو مشكلة، أو مسؤولية تجاه الدولة، ولن يلحق أي أحد أي ضرر من هذا الأمر -إن شاء الله-؛ لأن هذه الإعانة تصرف بشكل رسمي وصحيح، وبتقارير صحيحة، والوحيد الذي يمكنه مساءلتي في هذا الأمر هو الله سبحانه وتعالى، ثم أنا -بعد الله- من سيقرر في الوقت الحالي إنهاء هذه الإعانة؛ لأن إجراءاتها صحيحة؛ حتى وهي تصرف بما يخالف جدول إعانات الإعاقات؛ لأن التقارير المبنية عليها هذه الإعانة صحيحة، والإجراءات صحيحة، وليس في مقدرة أي شخص إلغاء هذه الإعانة إلا بموجب التقارير المطلوبة، أو بإسقاط اسم ولدي من النظام، وفي هذه الحالة لن يترتب على هذا الإسقاط، أو الإلغاء أي مطالبات بأموال سابقة؛ لأنها أموال مصروفة بشكل رسمي، ومعتمدة من الإدارة المرجعية لهذه الإدارة؛ بناء على تقارير رسمية وصحيحة، ورغم أنها مسألة غريبة لكن هذا الذي حصل، ولست في صدد إخفاء الحقيقة، أو التلاعب بها؛ لأجل فتوى أستحلّ بها ما تعففت عنه في السابق بملء إرادتي -بفضل الله سبحانه وتعالى-، ولكنني أحاول شرح المسألة بالشكل الذي لم أتمكن من شرحه لمن سألته سابقًا؛ حتى تكون الإجابة عن معرفة بكامل المسألة من جميع جوانبها -إن شاء الله-، فهل يحل أخذها، وسداد الرسوم منها أو لا؟ فأنا مضطر لسداد ما عليَّ، فإن كان يحل لي سداد الرسوم المفروضة عليّ منها، سددتها، وإلى متى يجوز ذلك، إن كان جائزًا؟ وهل يجوز لي أن أسدد منها لحين الانتهاء من كل الرسوم المفروضة عليَّ أو لا؟ وهل يجوز لي سداد الزكاة المترتبة على التراخيص منها؛ وذلك لإنهاء إجراءات إلغاء التراخيص أو لا؟ وهل يجوز لي أن آخذ ما اجتمع عندي منها فقط أم إنه يجوز لي الاستمرار باستلامها، والسداد منها؛ حتى سداد كل الرسوم التي تفرض عليّ في إجراءاتي التي ذكرت ثم التوقف أو لا؟ مع ذكر الدليل.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فهذا السؤال له عدة جوانب:

الأول: يتعلق بأخذ الإعانة الخاصة بالابن، وهذا حكمه يتعلق بمدى استحقاقه لها، بحسب شروط الجهة المانحة.

والظاهر أنه لا يجوز أخذ الإعانة القديمة؛ لعدم الاستحقاق، بخلاف الإعانة المصروفة من الإدارة الجديدة، كما يدل عليه قول السائل: (أنا والإدارة نعلم يقينًا بعدم استحقاقه لهذه الإعانة ... ولكن تم تحويل الإعانة الخاصة بهذه الإعاقة إلى إدارة أخرى، وهو الآن تصرف له الإعانة من الإدارتين جميعًا).

وعلى ذلك؛ فلا يجوز الجمع بين الإعانتين، ويجب الاكتفاء بالإعانة الثانية، التي تتوفر في الابن شروطها.

والثاني: ما يتعلق بأثر حاجة السائل على حكم أخذه ما لا يحل له من الإعانة الأولى، وهذا يمكن اعتباره إذا بلغ حد الضرورة التي تبيح المحرم، فيرخص له حينئذ بالقدر الذي يكفيه من ضرورته فحسب، وراجع في بيان حد الضرورة الفتويين: 31782، 6501.

والثالث: ما يتعلق بإنفاق الوالد على نفسه من مال ولده الصغير، وهذا لا حرج فيه، إذا كان الوالد محتاجًا، فأخذ ما يفي بحاجته من مال ولده دون أن يضر بالولد، وراجع في ذلك الفتاوى: 109960، 263953، 7490.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني