الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استنباط الأحكام من مصادرها لا يطلع به إلا المجتهدون

السؤال

السلام عليكم:
قرأت لأحد الكتاب وهو -جمال البنا- مقالاً يخلص فيه إلي وجوب الرجوع الي أصول الدين وترك كل ما دون ذلك (يقصد اجتهادات الفقهاء والعلماء على طول أربعة عشر قرنا)، فما هو الرد على مثل هذه الشبهة وأمثالها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فلا شك أن المرجعية العليا في الإسلام عند الاختلاف هي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة كما قال الله تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:59]. والرد إلى الله أي إلى القرآن وإلى رسوله أي إلى السنة، ولكن من ذا الذي يقول إن الرجوع إلى هذين الأصلين يعني هجر وترك كل أقوال واجتهادات وآراء علمائنا وفقهائنا وإهالة التراب على ثروة فقهية هي بحق أعظم ثروة علمية وفقهية موجودة على وجه الأرض. وكأن القائل بهذه الدعوة يعتقد أن هؤلاء الفقهاء والعلماء صدروا عن شيء غير القرآن والسنة أو أنهم تكلموا فيها بغير علم ولا دراية، حتى أتى هو في القرن الواحد والعشرين ليعيد الأمور إلى نصابها وليضع النقاط على الحروف وليحكم بين الناس في ما كانوا أو مازالوا فيه يختلفون. ولن نطيل الجواب على هذه الشبهة ولكن نقول في اختصار هب أننا تركنا هذا الميراث العظيم من الفقه ولم نعتمد شيئاً منه فإلى ماذا يحتكم المسلمون في شؤونهم كلها عبادات ومعاملات إلى فهم من؟؟ إلى فهم الشخص المذكور وأمثاله، عندئذ لم نصنع شيئاً سوى أننا استبدلنا الشافعي ومالكاً وأحمد وأبا حنيفة وإسحاق والنووي وابن تيمية بهؤلاء المحدثين! فأي الفريقين خير؟؟ وإما أن كل واحد من المسلمين مهما يكن علمه ومهما يكن فهمه وسواء كان عامياً أو متعلماً جاهلاً أو عالماً، كل واحد من هؤلاء يعمد إلى القرآن وإلى السنة مباشرة يستنبط الأحكام منهما، ومعلوم بالاضطرار فساد هذا القول إذ سيؤدي إلى إن يكون لكل شخص دين مفصل على حسب فهمه وذوقه وعقله ويحق علينا قول الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [الأنعام:159]. نسأل الله أن يثبت قلوبنا على الحق حتى نلقاه، ورحم الله أئمتنا وألحقنا بهم في دار كرامته. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني