الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرسالة النبوية إلى المقوقس ورده عليها

السؤال

ما تفاصيل الرسالة التي بعثها الرسول عليه الصلاة والسلام إلى ملك القبط العظيم لكي يعلن إسلامه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا نص رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المقوقس القبطي: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله، إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت، فإن عليك إثم القبط، يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (آل عمران: من الآية64).

وبعث بها مع حاطب بن أبي بلتعة، فلما دخل عليه، قال له: إنه كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى، فانتقم به، ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك، ولا يعتبر غيرك بك، فقال: إن لنا دينًا لن ندعه إلا لما هو خير منه، فقال حاطب: ندعوك إلى دين الله، وهو الإسلام الكافي به الله فقد ما سواه، إن هذا النبي دعا الناس، فكان أشدهم عليه قريش، وأعداهم له اليهود، وأقربهم منه النصارى، ولعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا كبشارة عيسى بمحمد، وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوراة إلى الإنجيل، ولسنا ننهاك عن دين المسيح، ولكنا نأمرك به، فقال المقوقس: إني قد نظرت في أمر هذا الدين، فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهى عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء، والإخبار بالنجوى، وسأنظر، وأخذ كتاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فجعله في حُق من عاج، وختم عليه، ودفعه إلى جارية له، ثم دعا كاتباً له يكتب بالعربية، فكتب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيًا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت لك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة وهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك، ولم يزد على هذا، ولم يسلم فلما بلغت الرسالة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ضن الخبيث بملكه، ولا بقاء لملكه.

والجاريتان مارية وسيرين، والبغلة دلدل، بقيت إلى زمن معاوية، وقد ذكر هذه الرسالة ابن سعد في الطبقات، وابن القيم في زاد المعاد، والحافظ ابن حجر في الإصابة.

وننبه إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سماه عظيم القبط، وليس ملك القبط العظيم، وفرق بين هذا وذاك كما لا يخفى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني