الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المحادثات بين الجنسين عبر الإنترنت لا تجوز

السؤال

أود أن أشكركم جزيل الشكر على هذه الزاوية والتي تهدف خدمة المسلمين وأدعو الله أن يوفقكم دائما بما فيه منفعة لأبناء المسلمين في كل مكان.
لدى مشكلة ولا أدري هل أعتبرها مشكلة أم ماذا فهي شيء جد بسيطة بالنسبة لما أقرئه من مشاكل في صفحات الشبكة وبالطبع أحمد الله تعالى على كل شيء.
أنا فتاة في قرابة الخامسة والعشرين من عمري من أسرة محافظة جدا وحياتنا تسير بشكل صعب بعض الشيء وذلك بسبب الأوضاع في فلسطين والتي يعرفها الجميع.
أنا مستخدمة جيدة للإنترنت وأستخدمها في جميع المجالات فأنا بطبعي لا أحب شراء الكتب فأستعين بالإنترنت بدلا من الكتب حيث أجد ما أريد بكل سهولة ويسر وبالطبع أستخدم الشات بعض الأحيان قبل عدة شهور تعرفت على شاب في إحدى الغرف وسمحت لنفسي أن أعطيه الإيميل وأخذنا نتكلم كثيرا وأحيانا كل يوم فهذا الشاب وما شد انتباهي له أنه كان أمريكيا وقد هداه الله للإسلام وكنا نتكلم كثيرا في الدين وهذا كان شيئا مشتركا حيث إنني كنت حديثة العهد بالتدين وكنت أواظب على التقرب إلى الله وكل حديث عن الإسلام كان يشدني وكنت أحب كثيرا أن أسمع لقصصه وخاصة أنه والدته من هدته للإسلام فهي الآن تعيش في إحدى الدول العربية وترتدي النقاب الإسلامي وله أيضا أخ مسلم أيضا كنت أخبره دائما عن مدى فرحي بأن أرى كيف يدخل الناس للإسلام المهم جاء رمضان هذا العام وتقربت كثيرا إلى الله والحمد الله وبدأت أشعر بحلاوة الإيمان والتي لم أشعر بها من قبل قط . لم أكن محجبة ودعوت الله كثيرا في رمضان أن يساعدني على أن أتحجب فهذا كان شيئا صعبا بالنسبة لي ولكن باب الله كان أوسع من كل الصعوبات انتهى رمضان هذا العام وتحجبت والحمد الله وقد أحدث الحجاب في حياتي نقلة كبيرة فصرت أشعر بحلاوة أكثر وكنت اشعر أن الله يستجيب لدعائي كثيرا مما أشعرني بسعادة قوية سعادة القرب من الله وكنت على اتصال مع هذا الشاب الأمريكي دائما اخبره عن سعادتي هذه فرح كثيرا عندما سمع أنني تحجبت وفي يوم أخبرني أنه كان سوف يفتح موضوع الحجاب معي ولكنه كان يؤجل الموضوع لأنه اخبرني بأنه كان لديه إحساس بأنني سوف أرتدي الحجاب لوحدي المهم أخبرني هذا الشاب بأنه يبحث عن فتاة عربية للزواج والسبب من أنه يريدها عربية بأن تعلمه القرآن وتعلم أولاده العربية والقرآن فهو لا يريد الزواج من امرأة لا تتحدث اللغة العربية والتي هي لغة القرآن الكريم وقال لي كنت خائف أن أسألك من قبل حيث إن الحجاب مهم كان بالنسبة لي والآن وبعد أن أصبحت كما أتمنى من المرأة التي أريد. أريد أن أتقدم لخطبتك من أهلك فهل هذا ممكن؟؟؟ في البداية استغربت طلبه كثيرا و قلت له أنت أمريكي ولا تعرف أن تتحدث اللغة العربية وصعب أن تتفاهم مع والدي ونحن عائلة محافظة من الصعب جدا قبول هذا الأمر حتى ولو كنت مسلما ولكنك تبقى أمريكيا في نظرهم !! أخبرني أنه يعلم بأن الأمر سيكون صعبا بالنسبة للعائلة وذلك لأنه يتفهم جدا هذه العادات والتقاليد ولكنه أخبرني بأنه سوف يحاول إقناعهم وعليه أن يجرب والباقي على الله.
المهم أخذت أفكر في كلامه كثيرا لم أخبر أحدا بالموضوع مر حوالي شهر كامل وأنا أفكر وكنت كلما فكرت أكثر كلما تقربت من الموافقة على أن أحدث أهلي بالموضوع أكثر وفي يوم قمت بالصلاة ركعتين وبعدها قلت له بأنني سوف أستشير أخي وأخي يعيش في أمريكا وبالفعل اتصلت بأخي وأخبرته بالموضوع . استغرب أخي الموضوع وقال لي الموضوع صعب جدا وقال لي بأنه سوف يناقشه مع اخت لي تعيش في أمريكا أيضا وهي اختنا الكبيرة وهي إنسانة جدا رائعة متعلمة ومثقفة ومتدينة جدا وتفهم في أمور الدين كثيرا فقام أخي بإخبارها صعقت للخبر وأخبرت أخي أنها ترفض الفكرة تماما فهي تعيش في أمريكا وتعرف الأمريكان جيدا اتصل أخي بي وأخبرني بما حصل وقال لي أن أنهي الموضوع بعد أيام اتصلت بأخي وقلت له لماذا لا نعطي الشاب فرصة لنتعرف عليه هل من الممكن أن نحكم على الشخص من غير أن نراه. وعندما رآني أخي جدية كثيرا ومتعلقة بالفكرة أخبر أختي والتي بدورها اتصلت بي مباشرة واعتذرت لي أنها لم تتحدث معي في السابق حيث إنها لم تكن تعرف أنني جدية إلى هذا الحد المهم استمرت المكالمة أكثر من ساعة وأخذت تخبرني بقصص كثيرة وقالت لي لماذا هي ترفض الفكرة قالت أسباب كثيرة ومقنعة إلى حد ما وأخبرتني أنها لا تحكم على الشاب لأنها لا تعرفه وقالت إنه بإسلامه ممكن أن يكون أفضل منا جميعا ولكن الفكرة أنه أمريكي وثقافته تختلف كثيرا عنا وأنه من الصعب العيش معه وقالت إنه ممكن بعد فترة من الزمن أن يتغير ويرجع إلى ما كان عليه قبل إسلامه . أسباب كثيرة أخذت بسردها أختي لي كلها كانت مقنعة وصحيحة . وفي هذه المكالمة أخبرتها أنني سوف انهي الموضوع إنشاء الله وسوف أخبر هذا الشاب أنه لا يوجد نصيب فرحت أختي وارتاحت كثيرا ووعدتها بأن أقطع علاقتي به نهائيا وبالفعل قمت بإخباره بأنه من الصعب علينا أن نستمر وأن نعطي الموضوع أكثر من ذلك تفهم الموضوع سريعا وقال لي كنت أتمنى أن يفهم أهلك بأنني وجدت فتاة رائعة لدينها وبيتها ولكني أحترم رأيهم وأتمنى لك التوفيق المشكلة بدأت من هنا حيث إنني لم أخبره بأنهم طلبوا مني أن أقطع العلاقة معه فبقيت أتحدث معه إلى حد الآن والسبب الحقيقي لهذا الموضوع أنني لا أريد قطع العلاقة معه إلى الأبد حيث إنني ما زلت بيني وبين نفسي أتمنى أن يتقدم لي وأن نتعرف على بعضنا أكثر وبمعنى آخر لا زال عندي أمل أنا الآن أشعر بأنني تائهة بين هل أعاود المحاولة مرة أخرى مع أهلي مع العلم بأنني أخجل أن أفاتحهم بالموضوع ولكني لا أريد توقف الحديث معه فهذا يشعرني بأنني أضيع شيئا ثمينا لا يأتي إلا مرة واحدة مع العلم بأنني مؤمنة بنصيب الإنسان وما قسمه الله علما أنه لو عرف أنني خائفة وتائهة بهذا الشكل لتوقف وأنهى العلاقة فورا فهو أخبرني مرة أنه لن يقبل بأن يكون سببا في معاناتي أو إيذائي فهو يسعى دائما لإرضاء الله قبل إرضاء العبد وبحديثي المتواصل معه يظن أنني بخير فنحن لا نتحدث عن الموضوع أبدا فكلامنا رجع كما كان أول تعارفنا عن الدين وأشياء اخرى قد تأتي من ضمن الكلام وكذلك شيء آخر أحب أن أضيفه فأنا متضايقة من نفسي حيث أشعر بذلك أنني قد كذبت على أخوتي وبقيت على اتصال به والشيء الآخر أشعر أن الحديث معه مخالف أصلا لديني وإيماني بالله في الوقت الذي تقربت به إلى الله أكثر من أي وقت مضى وأريد أن أحافظ على هذا القرب وصدقوني لقد سألت الله كثيرا أن يساعدني في هذا الموضوع ولكني ما زلت لا أستطيع الكف عن التفكير في المحاولة مرة أخرى ! أخاف أن يكون ما يحصل معي مدخلا من مداخل الشيطان والعياذ بالله! أعتذر عن الإطالة وأرجو أن تفيدوني برأيكم …
مع جزيل الشكر ،،،

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالحمد لله الذي وفقك إلى الاستقامة على الدين والالتزام بالحجاب ولا شك أن هذه نعمة تستوجب الشكر لله وأبلغ أنواع الشكر المداومة على الطاعات، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وبخصوص زواجك من هذا الشاب فالأصل أن من كان على دين وخلق فإنه يقبل به زوجاً ولا يرفض تزويجه ففي سنن الترمذي عن أبي حاتم المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه.، فالكفاءة إنما هي في الدين ولا عبرة باختلاف الجنسية ونحو ذلك، وهذا هو الأصل ولكن بما أن أهلك لن يوافقوا على هذا الشاب، مع ما يخشى أن يترتب عليك من الأضرار إن أقدمت على هذا الزواج فالذي يظهر أن الأولى بك أن تصرفي عنه النظر، وأن تسألي الله عز وجل أن ييسر لك الزواج من رجل صالح، واعلمي أن من اتقى الله تعالى كفاه وجعل له تيسيراً لأمره وهو القائل: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3]، والقائل سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

ثم اعلمي أيتها الأخت الكريمة أنه لا يجوز مثل هذه المحادثات بين الفتيان والفتيات عبر الإنترنت ولو كان المقصد صحيحاً سداً لابواب الذرائع إلى الشر، إذ أن ذلك قد يكون مدخلاً من مداخل الشيطان إلى الوقوع فيما لا يرضاه الله تعالى، وكونك تتضايقين من نفسك بخصوص هذه المحادثات، هذا دليل على إيمانك وصلاح قلبك، فاعقدي العزم وبادري على الفور بقطع هذه العلاقة ابتغاء لرضى الله تعالى وإيثاراً للحياة الباقية على الحياة الفانية، واعلمي أنك بذلك تحسنين إلى نفسك وإلى هذا الشاب الذي نسأل الله له الثبات والتوفيق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني