الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يأخذ من التركة في مقابل سداده لدين أبيه؟

السؤال

تقدير ميراث أرض ودين مضى عليه 62 عاما توفي الأب في تاريخ : 3/10/1942م ليلة 15 رمضان 1361 هجري، عدد الورثة عشرة (فاطمة 22 عاما متزوجة, مريم 20 عاما متزوجة, الابن الأكبر محمد 17 عاماً, إسماعيل 9 أعوام, عبدالمجيد 6 أعوام, الابن الأصغر: كامل سنة وستة شهور, حميدة 15 عاماً , رابعة من أم ثانية 15 عاماً, أمنة 8 أعوام، والأم زبيدة، الميراث: أرض (140) دونما الصخرية وغير الصخرية باسم محمد يونس محمد إبراهيم أبريوش وإخوانه دين: 219 جنيه فلسطيني (مبالغ واضحة وبها إيصالات)، مبالغ أخرى ليس بها إيصالات لم تدرج، المعيل الجديد للعائلة الابن الأكبر محمد وعمره 17 عاما، عدد أفراد العائلة المعالين ثمانية، سداد الديون بدأ الابن الأكبر بالعمل لإعالة العائلة، وقام بتسديد الديون المثبتة بإيصالات وغيرها في الفترة ما بين عام 1943 وحتى 1951، تم رهن بعض القطع من الأرض لمدة سنة أو أكثر مرتين بمبالغ متفاوتة بعضها بثمانية جنيهات ونصف وبعضها بعشرة جنيهات والمساحة عشرة دونمات تقريباً في كل مرة، توجد وثيقة تشير إلى أن الأب رحمه الله ابتاع (1/8) الأرض سنة 1935 بمبلغ ثمانية جنيهات ونصف فلسطيني، وهذا يشير إلى أن قيمة الأرض كلها لا تتجاوز المائة جنيه فلسطيني، كيفية سداد الديون، عمل الابن الأكبر في عدة أعمال وفي عدة مدن فلسطينية كالخليل ويافا، ناتج الأرض الوالدة الحاجة زبيدة رحمها الله أشرفت على الأرض من سنة 1943- 1975 والناتج كانت هي الوحيدة المتصرفة فيه، من يفلح ما يصلح للفلاحة من الأرض كان يأخذ ثلثي الناتج وهي تأخذ الثلث ومعدله 5-6 شوالات ما بين شعير وقمح وعدس، وكان إجمالي ناتج الأرض لجميع السنوات من عام 1976 وحتى عامنا هذا خمسمائة دينار فقط، نفقات على الأرض من عام 1976 وحتى عام 2003 من دفع ضريبة على الأرض, ومصاريف محاماه وفرز للأرض بلغت حوالي 5500 دينار، ما دفع في تكاليف ميتم الوالدة 1382 دينار في الضفتين الشرقية والغربية عام 2000، وعود كانت الوالدة الحاجة زبيدة تقول إنها تهب قطعة من الأرض تقدر بحوالي 7 دونمات هي للابن الأكبر وهي له وفاء لما تحمل من أعباء أو ما يسمونه كبرة، إتفاق الكبرة كان شفوياً وزمن حياة الوالدة قبل عام 1975 شفوياً تجدد الإتفاق في التسعينيات ووافق جميع الأبناء إلا الابن الأصغر، ملاحظات: الابن الأكبر لم يطالب بأي تعويض أو بدل عن إعالته للعائلة في سنين صباه وشبابه، واعتبر ما قام به من دور الأبوة ودور رب الأسرة واجباً، يقر جميع الأبناء بفضل الابن الأكبر في إعالتهم وتربيتهم ويقولون إن ما قام به لا يقدر بثمن, إلا أن الابن الأصغر والذي كان عمره سنة وستة شهور يقول إنه لا فضل لأحد عليه، وإن من صرف عليه في الصغر أمه، مع أن جميع الإخوة والأخوات يؤكدون فضل الأخ الأكبر عليهم جميعا وخصوصا على الأصغر، والذي أعيل منذ صغره في قوته وملبسه وفي تعليمه, وحتى حين تزوج الأصغر أعانه الكبير في زواجه، وأما بعد زواجه فلقد اشترك الإخوة جميعا دون استثناء في إعانة الأخ الأصغر في مسكنه وتعليم أبنائه، حتى أن الأصغر كان في كل فرصة متاحة يأخذ مصروف الوالدة منها، ولم يحتو قاموسه مع عائلته يوما أي معنى للعطاء أو الوفاء، ولو كان الأمر بيده لمنع الجميع من الميراث ولقد حاول في نهاية المطاف أن يقتسم ميراث الأخت الوحيدة المتبقية على قيد الحياة, ولكن باء بالفشل، اجتهد البعض بأن الدين الذي ورثوه لا يرد إلا بنفس القيمة 219 جنيها فلسطينياً، مع العلم بأنه الحصول على 219 جنيه فلسطيني اليوم قد يكلف مليون دولار، وقال أحد صغار الورثة مستهزئاً ومتهكماً "أعطيه من جيبتي المبلغ"، واجتهد شيخ من الورثة بأن يربط بسعر الذهب، وأن قيمة 219 جنيه فلسطيني = 1ك ذهب أي ما يقارب سبعة آلاف دينار، وأصر أن فتواه صائبة مائة بالمائة، طلبنا رأي الشرع من فقيه من الأردن فقال إن الدين يقدر، ليس بقيمته فقط بل وبالجهد والتعب في تسديده، السؤال الأول: هل إعالة الابن الأكبر للعائلة في حالة وفاة رب الأسرة يعتبر واجباً أم صدقة؟السؤال الثاني: هل تخصيص قطعة من الميراث كما أرادت الأم ووافق عليه معظم الإخوة شفوياً حق للابن الأكبر؟السؤال الثالث: كيف يقدر الدين الموروث في الوقت الحاضر وهل يربط بسعر الذهب أم بقطعة أرض؟ السؤال الرابع: هل يضمن الشرع للابن الأكبر حق في حصص الأرض أكثر من حصص الإخوة تعويضاً عن سداد الدين، وإن كان له حق فما تقديره؟ علماً بأن الابن الأكبر تحمل عناء سداد الدين وحده على مدار ثماني سنوات، وفك رهن قطع من الأرض أكثر من مرة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد أجمع الفقهاء على أنه يجب على المستقرض رد المثل في المكيل والموزون سواء رخص أو غلا، يقول ابن قدامة: قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من أسلف مما يجوز أن يُسلف فرد عليه مثله أن ذلك جائز. انتهى.

وعليه نقول إن كان الدين ذهباً فالواجب رد مثله ذهباً، لحديث: الذهب بالذهب والفضة بالفضة... مثلا بمثل سواء بسواء. رواه مسلم. أما إذا كانت نقوداً وانقطع التعامل بها فتؤدي بقيمتها يوم انقطاع التعامل بها لا يوم ثبوت الدين، وراجع للمزيد من الفائدة: 20224.

وأما عن حكم هبة الابن الأكبر قطعة من الأرض، والتي هي ميراث لجميع الورثة فإن ذلك جائز إذا رضي جميع الورثة وكانوا بالغين رشداء، فإن رضي البعض ورفض البعض نفذ في نصيب من رضي ولم ينفذ في نصيب من رفض،ويشترط لها ما يشترط في الهبة، وراجع في شروط الهبة الفتوى رقم: 18923، والفتوى رقم: 2333.

وللأم أن تهب ولدها الأكبر من نصيبها من الميراث، وتخصه بهذه الهبة دون إخوانه لما بذله من جهد ومال في سبيل رعاية إخوانه، فذلك سبب سائغ لتخصيصه بالعطية دونهم، وانظر في هذا الفتوى رقم: 6242.

وأما السؤال هل للأكبر حق في الأرض مقابل دينه على والده، فقد سبق أن قلنا إن الابن إذا سدد ذلك الدين لا على وجه التبرع فيجوز له الرجوع على التركة أرضاً كانت أو غيرها، جاء في الروض المربع: وإن مات الأب رجع الابن بدينه في تركته. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني