الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يجوز نذر الولد كما فعلت امرأة عمران

السؤال

عندما قرأت من سورة آل عمران عندما قالت امرأت عمران:بسم الله الرحمن الرحيم (رب إني نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم * فلما وضعتها قالت ربي إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم * فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا)
عند قراءتي لهذه الآيات سألت نفسي: لماذا اختار الله تعالى مريم رضي الله عنها واصطفاها على نساء العالمين؟ لأن أمها نذرت ما في بطنها وأعاذتها وذريتها من الشيطان الرجيم، وأيضاعندما تقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا.
لهذا بلغت الملائكة مريم (إذ قالت الملآئكة إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها في الدنيا والأخرة ومن المقربين).
كنت محتارة في هذا! والرجاء بأن تساعدوني على الإجابة على هذا السؤال.
وهل إذا فعلت مثلما فعلت ونذرت امرأة عمران هل يبلغني الله تعالى كما بلغت مريم وبشرها ربها بغلام؟
جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا يمكن لأحد اليوم أن يصل إلى ما وصلت إليه مريم أو يبلغ ما بلغت من المنزلة عند الله تعالى، وما فعلته أم مريم من نذرها لما في بطنها خالصاً مفرغاً لعبادة الله تعالى وخدمة بيته خاصاً لذلك لا يشوبه شيء من أعمال الدنيا ولا ينتفع والداه بشيء من عمله أو الأنس به...كان جائزاً في شريعتهم.

وأما في شريعتنا فلا يصح نذر الوالد لولده لأنه حر، وعلى احتمال أن يكون عبداً فلا يمكن أن يكون عبداً لأبويه، ولا يصح النذر إلا أن يكون المنذور من الولد هو حظ الأبوين من الأنس به، فهذا نذر الأحرار من الأبرار. قاله ابن العربي.

ولأن العبادة في الإسلام لا تقتصر على الشعائر التعبدية أو خدمة بيوت الله تعالى... وإنما تشمل مناحي الحياة كلها إذا وافقت الشريعة وصاحبتها النية الخالصة.

فلا ينبغي للمسلم أن يقصر نفسه على العبادة دون أن يسعى في الأرض ويبتغي من فضل الله، فذلك نوع من الرهبانية التي أبدلنا الله تعالى خيراً منها وهي الحنيفية السمحة.

ولا شك أن من سعى إلى الخير وربى أبناءه على الفضيلة وعبادة الله تعالى وتعلُّم العلم وتعليمه وخدمة المسلمين والسعي في مصالحهم أنه ينال منزلة عظيمة عند الله تعالى وعند عباده، وسيجد نتيجة ذلك في حياته وبعد مماته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث:...ومنهم: ولد صالح يدعو له. رواه مسلم.

وأما قول السائلة الكريمة: لماذا اختار الله تعالى مريم...، فإن الله سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء ويختار، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه...

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني