الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا ولاية للمعتوه في النكاح

السؤال

نسألكم عن المسألة الآتي ذكرها ليتم لنا التصرف على ضوء إجابتكم: رجل له أكثر من عشر سنوات مصاب بمرض عقلي وهو ما يسمى في الفقه (العته) وفي الطب الحديث مرض نفسي، ولكن هذا الرجل يعي ما يقول ويجيب إذا سئل ولا يعبث بنفسه ولا بشيء للآخرين ويصلي في المسجد وإذا دعي باسمه أجاب ومن سلم عليه يرد السلام وعندما يكون في بيته بغرفته أو يخلو بنفسه يكلم نفسه ولا يسأل عمن يأتي أو يذهب وله بنت قد أدركت وتقدم لها خاطب للزواج والمريض له أب وله أبناء ذكور بالغون، فالهدف من السؤال أولاً: هل يصح عقد هذا الرجل لابنته إضافة إلى العقود الأخرى أم لا، وإذا لم تصح تصرفاته وقد سبق وأن عقد بإحدى بناته، فما حكم ذلك العقد، ثانياً: إذا لم يصح العقد منه فلمن تكون الولاية هل لوالده جد البنت أم لأحد أبنائه، ثالثاً: هل تنتقل الولاية فورا دون الرجوع إلى الحاكم أم لا؟ نرجو الإجابة الصحيحة ليتم التصرف على ضوئها وفقكم الله لما يحب ويرضاه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقال العبادي الحنفي في الجوهرة النيرة: قال في النوازل المعتوه من كان مختلط الكلام فاسد التدبير لكنه لا يضرب ولا يشتم كما يفعله المجنون.

وقال العلامة الشبراملسي الشافعي في حاشيته على نهاية المحتاج: وفي المختار: المعتوه الناقص العقل، وقد عته فهو معتوه بيّن العته. انتهى، وعليه فيمكن حمل المجنون على من زال عقله بالكلية والمعتوه على من عنده أصل العقل لا كماله. انتهى.

والمعتوه لا ولاية له في النكاح ولا يصح عقده، قال العدوي في حاشيته على شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني المالكي: المجنون والمعتوه الضعيف العقل لا يصح عقد واحد منهما...

قال الإمام الجلال المحلي رحمه الله تعالى في شرح المنهاج: لا ولاية لرقيق لنقصه (وصبي) لسلب عبارته (ومجنون) أطبق جنونه لعدم تمييزه أو تقطع... (ومختل النظر بهرم أو خبل) أصلي أو عارض لعجزه عن البحث عن أحوال الأزواج ومعرفة الكفء منهم، وفي معناه من شغله عن ذلك الأسقام، والآلام (وكذا محجور عليه بسفه) بأن بذر في ماله (على المذهب)، لأنه لنقصه لا يلي أمر نفسه فلا يلي أمر غيره... (ومتى كان الأقرب -متصفا- ببعض هذه الصفات، فالولاية للأبعد)، فيزوج مع وجود الأقرب. انتهى، وعليه فتكون الولاية لمن بعد الأب المعتوه وترتيب الأولياء مبين، في الفتوى رقم: 52874.

وأما العقد السابق على البنت الأولى فيجب تجديده لتصحيح النكاح ويقوم بتجديده جدها لأبيها، فإن لم يوجد فأخوها لأبويها، فإن لم يوجد فأخوها لأبيها، وهكذا حسب ما سبق في الفتوى المحال عليها، وما نتج عن العقد الأول من أولاد فإنهم ينسبون لأبيهم لأنهم ناشؤون عن وطء بشبهة، ومتى لم يكن الولي أهلا للولاية انتقلت إلى الذي يليه دون حاجة إلى إذن حاكم.

وأما حكم بقية العقود التي يجريها المعتوه من بيع وإجارة وغير ذلك فمحل خلاف بين العلماء، فمن العلماء من لم يعتبر تصرفاته مطلقا كالشافعية، ومن أهل العلم من فصل بين المعتوه الذي يعقل البيع والشراء فيصح موقوفا على إذن وليه وبين الذي لا يعقل البيع والشراء فلا يصح مطلقا وهذا مذهب الحنفية وجمع من العلماء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني