الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بيان كيفية قيام داود عليه السلام وفوائدها

السؤال

أرجو من الإخوة الأعزاء أن يشرحوا لي كيف كان قيام سيدنا داود عليه السلام بطريقة عملية مبسطة فقد قرأت عنه في حديث لكن لم أفهم شيئا.جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الحديث الذي أشار إليه السائل الكريم حديث صحيح رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ولفظه كما في البخاري: أحب الصلاة إلى الله صلاة داود عليه السلام، وأحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، ويصوم يوما، ويفطر يوما. ومن الحديث يتبين أن داود عليه السلام كان ينام النصف الأول من الليل، ثم يقوم من النصف الثاني قدر الثلث، ثم ينام بقية الليل إلى طلوع الفجر، وهو السدس الأخير. قال أهل العلم: كان ينام نصف الليل، أي من الوقت الذي يُعتاد النوم فيه، وهو عادة بعد صلاة العشاء الأخيرة لأنه يستبعد أن يكون النوم بعد الغروب مباشرة. وهكذا كان فعل النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان ينام إلى نصف الليل تقريبا أو بعده، ثم يقوم من الليل، فإذا كان وقت السحر نام حتى يطلع الفجر، كما في صحيح مسلم: أنه كان يقوم ثلث الليل بعد شطره، وكما جاء ذلك في أحاديث في الصحيحين وغيرهما عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما، قال ابن عباس في حديث مبيته عند خالته أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها: فلما كان منتصف الليل أو قبله أو بعده بقليل قام النبي صلى الله عليه وسلم. وفي حديث عائشة: ما ألفاه السحر عندي إلا نائما.

وعلى هذا.. فإذا قدر أن الليل اثنتي عشرة ساعة، ونام الشخص بعد أداء صلاة العشاء، وقد بقي من الليل عشر ساعات، فإنه ينام إلى منتصف الليل وهو ست ساعات، أو إلى منتصف ما بقي منه وهو خمس ساعات، ثم يقوم الثلث، ثم ينام السدس الأخير إلى طلوع الفجر حسب ذلك.

ولهذا التقسيم فوائد عظيمة أشار إلى بعضها الحافظ ابن حجر في الفتح فقال: قال المهلب: كان داود عليه السلام يجم نفسه بنوم أول الليل، ثم يقوم في الوقت الذي ينادي الله تعالى فيه: هل من سائل فأعطيه سؤله... ثم يستدرك بالنوم ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وهذا هو النوم عند السحر.. وإنما صارت هذه الطريقة أحب من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يمل حتى تملوا. والله أحب أن يديم فضله ويوالي إحسانه، وإنما كان ذلك أرفق لأن النوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر وذبول الجسم، بخلاف السهر إلى الصباح. وفيه من المصلحة أيضا استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار وأعماله بنشاط وإقبال، وأنه أقرب إلى عدم الرياء، لأن من نام السدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى.. فهو أقرب إلى أن يخفي عمله الماضي على من يراه.. . انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني