الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

افتراءات باطلة والرد عليها

السؤال

كنت أتابع قناة تلفزيونية مسيحية وكان هناك قسيس يتكلم عن الإسلام فيقول كيف لمحمد أن يقول إن هذا كلام الله (القرآن) فمثلا يقول (تبارك الله رب العامين) (تبارك الله أحسن الخالقين) (الحمدلله رب العالمين) <سوررة الفاتحة> أيقول الله هذا!! إنما هو محمد يقوله ومن ثم يقول إنه كلام الله ولقد سمعت أيضا في غرفة من غرف الدردشة في البالتوك نفس الكلام فكيف لنا أن نرد عليهم؟ ولماذا يقول الله (الحمد لله رب العالمين..) وفي أي سبب نزلت هذه السورة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذه الشبهة الغرض منها تشكيك المسلمين في دينهم وثوابتهم، وإلا فإن خصوم القرآن قد شهدوا بصدقه ولم يجدوا بداً عن ذلك، حتى قال الوليد بن المغيرة: إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وما يقول هذا بشر. وقال لقومه: والله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، ولا أعلم برجزه ولا بقصده مني، ولا بأشعار الجن. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئاً من هذا.

ولكن يبدو أن مشركي العرب كانوا أشد إنصافاً من مشركي النصارى، وما ذكر من الآيات في السؤال ثناء من الله عز وجل على نفسه، فإنه سبحانه يحب الثناء، ولذلك أثنى على نفسه، كما أخبر بذلك نبيه صلى الله عليه وسلم، فمعنى الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أي: سبق الحمد مني لنفسي قبل أن يحمدني أحد من العالمين، وحمدي لنفسي في الأزل لم يكن بعلة، حمدي الخلق مشوب بالعلل، قال علماؤنا: فيستقبح من المخلوق الذي لم يعط الكمال أن يحمد نفسه ليستجلب لها المنافع ويدفع عنها المضار. وقيل: لما علم سبحانه عجز عباده عن حمده، حمد نفسه لنفسه في الأزل... ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله: لا أحصي ثناء عليك. وقيل: حمد نفسه في الأزل لما علم من كثرة نعمه على عباده وعجزهم عن القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم لتكون النعمة أهنأ لديهم حيث أسقط عنهم به ثقل المنة. اهـ من كلام الإمام القرطبي في تفسيره

أما قوله تعالى: تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. و فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. فالله تعالى يحب الثناء كما يحب المحامد، وثناؤه على نفسه أعظم من ثنائهم عليه، وكذلك حبه لنفسه وتعظيمه لنفسه. فهو سبحانه أعلم بنفسه من كل أحد وهو الموصوف بصفات الكمال التي لا تبلغ عقول الخلائق، فالعظمة إزاره والكبرياء رداؤه، وفي الصحيحين عن ابن مسعود: لا شيء أحب إليه المدح من الله لذلك مدح نفسه.

فهو يحمد نفسه ويثني عليها، ويحمد نفسه وهو الغني بنفسه لا يحتاج إلى أحد غيره، بل كل ما سواه فقير إليه.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يعني ذكر قدرته ولطفه في خلق هذه النطفة من حال إلى حال وشكل إلى شكل، حتى تصورت إلى ما صارت إليه من الإنسان السوي الكامل الخلق قال: فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ. اهـ

ومعنى قوله تعالى: أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ يعني أحسن الصانعين، لأن العرب تسمي كل صانع خالقاً، قال الإمام الطبري: عن مجاهد قال: يصنعون ويصنع الله والله خير الصانعين. اهـ

ولمزيد فائدة راجع الفتاوى: 3988، 45686، 55950.

هذا، وننصح الأخ السائل بعدم الدخول على هذه المواقع، وعدم مشاهدة القنوات التنصيرية حتى لا يتشوش ذهنك أو تتأثر بها مع أنه لا فائدة من وراء دخولك على تلك المواقع، فليقتصر دخولها على المختصين الذين لديهم القدرة على رد باطلهم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني