الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
فضيلة الشيخ الكريم:
قال تعالى:\"يا أيها الذين امنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا\". صدق الله العظيم.......
فضيلة الشيخ الكريم :
كان والدي من أصحاب الدين والخلق وكان ذا مركز مرموق رحمه الله ، له ابن ذكر وأربع بنات إحداهن أنا درسني وأحسن تعليمي رحمه الله، وعملت بمهنة التدريس في الرياض وكنت أبعث له من راتبي دون أن أسجل عليه وبعد أن توفي واصلت ذلك مع والدتي وكنت أعطيها ألف دينار سنويا وأحيانا أعطيها ألفي دينار أردني وكانت والدتي تسكن مع شقيقة لي تعمل بمهنة الخياطة ولم تتزوج في البيت الذي تركه لنا والدي بعد وفاته وكذلك أبناء أخي وعددهم سبعة ثلاث أولاد وأربع بنات أمهم مطلقة ووالدهم في السعودية مع زوجته وأولادها
توفي والدي منذ ست وعشرين عاما تاركا بيتا سكنيا بناؤه عربي له ساحة في الوسط كبيرة حولها ست غرف كبيرة ومنافعها وبيت آخر صغير يتكون من غرفتين ومنافعها وصالة في الوسط مع باب مستقل إحدى غرفتيه قبوا لإحدى غرف البيت الكبير تقابله قطعة أرض مساحتها مائة متر مربع تستغل كحظيرة للدجاج وبيت ثالث أسفل البيتين السابقين يتكون من غرفتين وبلكونة وحمام ومطبخ ومرحاض وساحة في الوسط وأسفل هذا البيت دكان (ترتيب البيوت بهذا الشكل لأنها على جبل وسفحه)
هذا وقد ترك قطعة أرض مساحتها أربع وعشرون دونما وأرض أخرى مساحتها ثمانية عشر دونما كانت الأرض الأخيرة طيلة السنوات الماضية كلها ومعروف لدى الجميع أنها تخصني وشقيقتي غير المتزوجة مناصفة حيث إننا نعمل. وقد حاولت تسجيلها باسمي بطلب من شقيقتي ومن أمي كذلك ولم أتمكن لمشاكل أخرى خارجة عن العائلة
بعد عام 1990 أي سنة الحرب انتقلت من الرياض إلى دمشق أنا وزوجي وأولادي هربا من الحرب ومع كل هذا لم أمنح فرصة تقسيم الأرض والحصول على أي شيء نستطيع منه عمل مشروع نعيش منه بالرغم من أني طالبت بحقي بالإرث وتقسيم الأرض الثانية إلى حصتين حتى اعرف ما يخصني ولم أحصل على أي شيء فاضطررت إلى الذهاب إلى الخليل في فلسطين وسكنا هناك، حاولنا أكثر من محاولة أن نعمل عملا حرا ولم ننجح وضاق بنا الحال لظروف المنطقة من جهة وجهلنا بالناس من جهة أخرى وأصبحت من فترة لأخرى أقابل الأهل وأطالب بحقي بالإرث وقبل أن تتوفى الوالدة كانت قد اشترت شقة لشقيقتي بحجة أنه من مالها الخاص وهو مؤجر علما بأن الدكان والبيت الذي فوقه والبيت الصغير كانوا مؤجرين أيضا من قبل وفاة الوالد وبعد وفاته.
عندما توفيت الوالدة منذ أربع سنوات قابلت وقتها زوج شقيقتي الكبرى وهو ابن عمتي ونعتبره بمثابة الوالد حيث كان مقربا منه وقال لي بأن حصتي هي تسع دونمات من الأرض المخصصة لي ولأختي أربع دونمات من أرض الوالد وسدس البيت
وفي الصيف السنة التالية لوفاة الوالدة قالت لي شقيقتي التي تشاركني بالأرض إن البيت السفلي الذي فوق الدكان لي وأجرته كذلك. وقالت لي بأن أسجل الأرض باسمي وأعمل طبعا بالنصف فقط وتابعت التسجيل مع محامي إلى أن سجلت الأرض وأصبحت رسميا باسمي واستغرق التسجيل ما يقارب الثلاث سنوات ودفعت مبلغا من المال أكثر من ستمائة دينار أردني مقابل التسجيل
\"ملاحظة:ـ يسمح التسجيل باسمي دون شقيقتي لاختلاف نوعية جوازات السفر\"
في الصيف الماضي أي صيف 2004 قال لي أخي بأنني عندما أعود إلى دمشق سيستدعي مسئولا يخمن البيت كي يحسب لي السدس(سدس البيت كاملا أي الثلاث بيوت مع الدكان)علما بأنه لي ما يقارب السنتين آخذ أجرة البيت السفلي وهم الذين يعطوني إياه على أساس حصتي من البيت.
وقبل أن أسافر من عندهم أخبرتهم بأنني سأبدأ العمل في الأرض بمساعدة أحد أقرباء زوجي وأحد أولادي.
وبعد أن سافرت تغيرت الأمور وأخبروا أولادي بأن هناك ورقة من والدي تقول بأن أرض الثمانية عشر دونم ليس لي فيها شيء حيث إنه عند شرائها لم أكن قد أنهيت دراستي الجامعية ولم يكن لي راتب وإن ثمن الأرض من نقود شقيقتي وكذلك البيت لا يقسم وليس لي فيه شيء والتقسيم فقط للأجرة التي كانوا يعطوني إياها حيث قسمت على أساس 1:2 وأن ما أخذته من أجرة في السابق ليس من حقي ولكن(عفا الله عما سلف) والأجرة التي كانت منذ أن توفي الوالد كذلك (عفا الله عما سلف) ولي فقط الأربع دونمات من أرض الوالد علما بأنني دفعت رسوم التسجيل قبل وفاة الوالد مرة وبعد وفاته وبعلمهم تم التسجيل علما بأن الورقة التي من والدي صحيحة وهناك ورقة منه كذلك مسجلا فيها ما كنت أعطيه من مال والأوراق كلها عند زوج شقيقتي الذي وزع لي الحصة سابقا ولقد أعطانا صورا عن هذه الأوراق منذ مدة بعيدة وسؤالي الآن فضيلة الشيخ هو:
س1: هل توزيعهم صحيح؟
س2:هل ما أخذته من أجرة حرام وعلي إرجاعها؟
س3:هل يحق للام والأب المحافظة على راتب إحدى البنات واستثماره لها دون الأخرى؟
س4: هل يجوز أن تؤخذ الأجرة السابقة للبيتين والدكان واستثمار الأرض الخاصة بالوالد طيلة الستة والعشرين عاما الماضية مع مطالبتي بحصتي أم لا؟
(علما بأن الأجرة كانت فقط للوالدة وشقيقتي وأبناء أخي فقط)
س5:هل يجوز تأخير توزيع التركة كل هذه المدة وما حكم من يؤخرها وهو يعلم أن أحد الورثة قد تضرر من هذا التأخير؟
أخبروني فانا أريد الإجابة بأسرع وقت كي أطلعهم عليها لأنهم أناس يخافون الله وطيبون .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت الوثائق التي أخرجها إخوانك صحيحة وثابتة ثبوتا شرعيا.. فإن العمل على ما تضمنته من إثبات أو نفي، لأن والديكما أدرى بالممتلكات التي كانت تحت أيديهم، والأصل أن يكونا صادقين دون محاباة أحد من أبنائهم على حساب آخر أو آخرين.ولكن أين كانت هذه الأوراق خلال هذه المدة؟

وما أخذته من أجرة ليس بحرام، لأنك أخذته بوجه شرعي، وإذا تبين بالأدلة الشرعية أنه ليس من حقك فعليك أن ترديه إلى أصحابه ما لم يسامحوك به.

وأما واجب الآباء نحو أبنائهم فهو العدل بينهم والتسوية في العطية، لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اتقوا الله واعدلوا بين أبنائكم.

وأما في استثمار أموالهم فينبغي أن يعدل بينهم فيها لعموم الأمر بالعدل بينهم.

وأما أجرة بيوت الوالدين وناتج أرضهما.. فهي تركة من حقك أن تطالبي بحقك منها في فترة استغلالها بعد وفاتهما، وهو السدس حسبما ذكرت من الورثة وهم: ابن وأربع بنات.

وأما تأخير تقسيم التركة إذا طلبه أحد الورثة، وكان يتضرر بالتأخير فإنه لا يجوز، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:لا ضرر ولا ضر ار. رواه مالك في الموطأ.

والحاصل أن القول الفصل في هذه المسألة للمحكمة الشرعية بعد البحث والاطلاع على حيثياتها، ولهذا نحيل السائلة الكريمة إليها.

وأخيرا نوصي السائلة الكريمة بتقوى الله والدعاء لوالديها ومسامحتهم إذا كان وقع منهم تقصير أو إيثار.. كما نرجو أن تتسامح مع إخوانها.. فإن الله تعالى: يقول: وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ {البقرة: 237}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني