الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يؤخر الصلاة عن وقتها بسبب الدراسة ويغلب عليه الخوف من الله لشعوره بالتقصير في حقه

السؤال

نشكر جهودكم على إقامة هذا الموقع لنصرة الإسلام والمسلمين، لدي سؤالان للإخوان المفتين:
يا إخون أنا طالب في الجامعة وعمري 19 عاماً وأدرس في إحدى الدول الغربية، ولكن أقضي إجازتي الآن في بلادي الأم، السؤال هو: أني أصلي الفروض الخمسة ولكن في بعض الأحيان أؤخر الصلاة لسبب ما ، بعض الأوقات وقت دراستي في الجامعة لا أدرك الصلاة، سوف أوضح الأمر مثلاً عندما تكون لدي حصة في وقت الظهر فإني أؤخرها إلى صلاة العصر وأجمع بين الصلاتين، وفي بعض الأحيان أرجع من الجامعة منهكا حتى أني لا أستطيع فعل أي شيء أستلقي حتى آخذ فترة من الراحة ومن ثم أقوم وأجمع الصلوات التي فاتتني، ولكن أنا لست راضياً عن وضعي، للعلم أن نومي من النوع الثقيل جداً، ولكن لا أفرط في الصلاة بل أصلي الفروض الخمسة كلها يومياً (هل ارتكبت كبيرة من الكبائر، وهل الذي أعمله يؤدي ليوم من الأيام أن يكون مصيري النار والعياذ بالله)؟
السؤال الثاني: أنني أصلي وأصوم 30 من رمضان وأصوم بعض الأيام من الأسبوع كالإثنين والخميس في بعض الأوقات وأقوم بعمل الخير وأتصدق بما أنعم الله علي من نعمة وأسعى جاهداً لكي أرفع اسم دولتي وحتى أخدمها وعمل الخير الذي يؤدي لرضا الله عز وجل، ولكن أنا في نظري أن هذا ليس كافياً لدخولي الجنة وأن كل هذا لا يوصلني للجنة، أعتقد أني مقصر في حق الله وأني لا أؤدي الواجبات كلها، إنني أوسوس وأخاف عذاب الله لا أتفاءل بالجنة، لا أعلم لماذا كل ما أريد أن أقنع نفسي أني أعمل الخير أفكر أني لا أقوم بواجبي اتجاه الله وأخشى الله وعذابه وعقابه وأنا في هذا الحال من عرفت أنه هناك إلهاً سوف يحاسبنا في يوم ما أريد أن أعيش حالة من الطمأنينة، ولكن لا أستطيع، تفكيري كله منصب بأني لم أقم بواجبي اتجاه الله بأكمل وجه وأن كل هذا ليس كافياً لدخولي الجنة، فماذا أفعل حتى أطمئن ولو بشكل بسيط، أفيدوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن تأخير الصلاة عن وقتها المختار هو من كبائر الذنوب، لقول الله تعالى: فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون:4-5}، وقوله تعالى: فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم:59}، والدراسة في الجامعة أو غيرها ليست عذراً يبيح تأخير الصلاة عن وقتها، فعليك أيها الأخ الكريم أن تتوب إلى الله من هذا الإثم الشنيع، وتتجنب في المستقبل تأخير الصلوات عن وقتها، وإذا كانت ظروف الجامعة ومواقيت الدراسة بها لا تسمح بأداء الصلاة في أوقاتها فإن تركها يتوجب حينئذ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه.

وما ذكرته من الوسوسة في أمر الآخرة واعتقاد التقصير في العبادة هو حافز على الاستزادة من أعمال البر، ولكن على المرء أن يجمع معه رجاء رحمة الله، كما قال الله تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ {الزمر:9}.

والحاصل أن عليك أن تتوب من تفريطك في الصلاة وتأخيرها وتوازن بين الخوف والرجاء في اعتقادك وإحساسك، واعلم أن الذي أصابك من عدم الطمأنينة قد يكون سببه تأخير الصلاة، لأنه إعراض عن ذكر الله، والله تعالى يقول: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه:124}.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني