الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب أهل العلم في توكيل الوكيل غيره

السؤال

أنا مقيم في دولة خليجية في الإجازة ذهبت إلى بلدي وخطبت إحدى البنات وهي قريبتي وبعد ستة شهور اتصلت بأخي وطلبت منه أن يقوموا بعقد القران وإتمام مراسم الزواج وبالفعل تم ذلك وأرسلوا لي قسيمة الزواج فوجدت أن وكيل العريس في العقد هو عمي شقيق والدي وليس أخي أنا لا اعتراض لي على ذلك بالعكس سعدت جدا لكنني لم أطلب ( أوكله) منه ذلك. فهل يؤثر ذلك على صحه عقد الزواج أم لا. افيدوني أفادكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم رحمهم الله تعالى في توكيل الوكيل غيره، فذهب الجمهور من العلماء إلى أن الوكيل ليس له أن يوكل غيره إلا أن يأذن له الأصل، بأن يقول: وكلتك فقم بالعمل أنت أو وكل من يقوم به، فله في هذه الحالة أن يوكل. وذهب الحنفية إلى أن الوكيل إذا حضر في مجلس العقد مع من وكله صح العقد لأن المطلوب حضور رأيه وقد حضر، وإليك بعض نصوص الفقهاء الدالة على ما ذكرنا.

قال الشافعي رحمه الله تعالى كما في كتاب الأم: وإذا وكل الرجل الرجل بوكالة فليس للوكيل أن يوكل غيره، مرض الوكيل، أو أراد الغيبة، أو لم يردها، لأن الموكل له رضي بوكالته ولم يرض بوكالة غيره، فإن قال: وله أن يوكل من أرى كان ذلك له برضا الموكل.

وقال ابن الهمام الحنفي: ( فإن وكل) أي الوكيل( بغير إذن موكله فعقد وكيله) أي وكيل الوكيل( بحضرته) أي بحضرة الوكيل الأول ( جاز) أي جاز العقد ( لأن المقصود) أي مقصود الموكل الأول ( حضور رأي الأول) أي حضور رأي الوكيل الأول( وقد حضر) رأيه في الصورة المذكورة فحصل مقصوده فجاز العقد . قال صاحب النهاية : فإن قلت: ما الفرق بين هذا وبين أحد الوكيلين بالبيع إذا باع بغير إذن صاحبه فإنه لم يكتف هناك بمجرد حضرة صاحبه، بل لا بد من الإجازة صريحا كما ذكر في الذخيرة والمبسوط؟ قلت: ما ذكره في الجامع الصغير من أن عقد وكيل الوكيل جائز عند حضرة الوكيل الأول محمول على ما إذا أجاز الوكيل الأول عقد الوكيل الثاني لا مطلق الحضرة.اهـ.

وقال الدردير المالكي في الشرح الكبير على مختصر خليل: ( و) منع ( توكيله) أي توكيل الوكيل غير المفوض على ما وكل فيه، لأن الموكل لم يرض إلا بأمانته ( إلا أن ) يكون الوكيل ( لا يليق به) تَولَّى ما وُكِل عليه بنفسه كوجيه في حقير فله التوكيل حيث علم الموكل بوجاهته أو اشتهر الوكيل بها، وإلا فليس له التوكيل وضمن إن وكل لتعديه ( أو) إلا أن (يكثر) فهو عطف على لا يليق فيوكل من يشاركه في الكثير الذي وكل فيه ليعينه عليه لا أنه يوكل غيره استقلالا. اهـ.

وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: (وليس لوكيل توكيل فيما تولى مثله بنفسه إلا بإذن موكل) لأنه لم يأذن له في التوكيل ولا تضمنه إذنه لكونه يتولى مثله، ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه فلم يكن له أن يوليه غيره كالوديعة(أو يقول ) الموكل، وفي نسخة: إلا أن يقول ( له ) أي للوكيل( اصنع ماشئت، أو تصرف كيف شئت فيجوز ) للوكيل أن يوكل لأنه لفظ عام فيدخل في عموم التوكيل. اهـ.

ولذا فعليك أن تجدد العقد بأن يقوم وكيلك بمباشرة العقد، أو تأذن له بأن يوكل من أراد، وليس في إعادة العقد مشقة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني