الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الرؤية الشرعية في تحديد الأذكار بما لم يحدده الشرع

السؤال

أنشئ مؤخرا قروب على الياهو باسم \" التحدي \"
وهو عبارة عن تحد بين الشباب على عبادة معينة نتفق عليها نحن الأعضاء ونقوم بها لمدة أسبوع ثم في الجمعة نرسل العدد لمسؤول القروب
يعني مثلا في الأسبوع الأول نقول أستغفر الله وأتوب إليه " بهذه الصيغة . نبدأ من السبت حتى الجمعة بعد صلاة العشاء والفائز فينا الذي يحصل على أكثر عدد من المرات ولا يحصل على شيء كمقابل لكن فقط تحفيز معنوي بين الأعضاء.
الأسبوع الثاني نقول " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " الثالث " الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم - " الرابع "ختم القرآن في ثلاث ليال " وهكذا ...
السؤال هو هل يجوز هذا النوع من التحديات ؟
أليس في هذا شيء من حركات الصوفية وعباداتهم ؟ أكان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع الصحابة ؟ وهل كان الصحابة يفعلون ذلك ؟ وأرجو ذكر دليل من القرآن أو السنة واسم الكتاب
مع التنويه إلى أن صاحب القروب والأعضاء سنيون ويقصدون الخير والمسارعة في الخيرات ؟
وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التنافس بين الإخوان في الخير أمر محمود في الأصل، لقول الله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ولقوله: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ {آل عمرا: 133}

وكذلك التعاون على البر والتواصي بالحق؛ لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى {المائدة: 2} وقوله: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)

ولكن مما يلاحظ على الطريقة التي ذكرت في السؤال أن المسلم لا يسوغ له أن يحدد في باب العبادات عددا معينا ما لم يأخذ ذلك التحديد من الشارع، ولا يليق أن يقتصر أسبوعا على ذكر واحد دون سائر الأذكار، وعليه أن ينطلق في برنامجه اليومي من الهدي النبوي في الحياة اليومية وما فيها من أذكار وأدعية مطلقة أو مقيدة.

وقد دون أهل العلم ذلك في كتب الأذكار كالأذكار للنووي، وعمل اليوم والليلة للنسائي وابن السني، والكلم الطيب لشيخ الإسلام

ثم إن ستر العبادات القاصرة التي لا يتعدى نفعها للغير أولى من إظهارها ما لم يترتب على ذلك تعليم للغير أو علم اقتداء الناس به في الخير فلا بأس بالإظهار مع الحرص على الإخلاص لله في ذلك، ومراقبة النفس حتى لا يشوب العمل شائبة رياء.

وليعلم أن هذه الأذكار قد حض الشارع على الإكثار منها ومن تلاوة القرآن، ولا شك أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم كانوا أسبق الناس للخير وأكثرهم اشتغالا، فقد كان صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، كما في صحيح مسلم من حديث عائشة، وكانوا يعدون له في المجلس الواحد مائة من الاستغفار كما في حديث ابن عمر: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم. رواه أبو داود وصححه الألباني.

فالشارع حض على هذه الأذكار، فعلى المسلم أن يكثر منها ويأتي بها جميعا من دون تحديد لم يحدده الشارع، ولا اقتصار على بعضها في أسبوع وعلى بعضها في أسبوع آخر.

هذا، وننصح هؤلاء الإخوة السنيين المحبين للخير أن يعملوا برنامجا للتنافس في حفظ القرآن وبعض كتب السنة، وأن يحض بعضهم بعضا على عمل الخيرات، ولا حرج في سؤال مسؤول المجموعة لإخوانه أيكم عمل كذا؟ أيكم عمل..؟ ثم يبين له ما في ذلك من الثواب والأجر، ولا حرج على من سئل أن يجيب بما عمله بقصد تشجيع إخوانه لا بقصد السمعة، وذلك لما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصبح منكم اليوم صائما؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن تبع منكم اليوم جنازة؟ قال أبو بكر: أنا. قال: فمن أطعم منكم اليوم مسكينا؟ قال أبو بكر: أنا. قال: من عاد منكم اليوم مريضا؟ قال أبو بكر: أنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة.

وللمزيد في الموضوع راجع الفتاوى التالية أرقامها: 51760، 63431، 60582، 59782.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني