الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه

السؤال

كنت مقيما في بولندا وأملك مطاعم وأعمل في التجارة وكانت لي معاملات مادية مع أناس وبنوك كثيرة حتى حدث أن خسرت تجارتي ولم أعد أملك أي شيء . وذهبت إلى دول عربية وبدأت العمل والوقوف من جديد والحمد لله ولكن حقوق الناس مازالت تؤرقني وهي على أربع حالات. أرجو منكم إفتائي فيها ،أولا البنوك من قروض واعتمادات مع العلم أنها مبالغ كبيرة وفوائد متراكمة ووضعي الآن لا أستطيع أن أسدد أي شيء منها، ثانيا أناس كانوا شركاء لي في بعض أعمالى وبعد الخسائر أنكروا ذلك مع العلم أن كل شيء كان باسمي فهل لهم حقوق عندي. ثالثا أناس لهم عندي مبالغ وهم من الأصدقاء وهؤلاء أضع لهم الأولوية ولقد قمت حتى الآن بسداد بعض ما قدرني الله عليه ولكن أخاف أن أموت ولم أكمل هذا السداد. رابعا تجار دخلت معهم بعقود ربوية وهؤلاء قمت بسداد رأس المال كاملا ولكنهم اعتبروا ذلك من الفوائد وما زالوا يطالبون. مع العلم أنهم الآن لا يعرفون أين أنا ولكن مخافة الله هي التي تجبرني على الاتصال بمن يتوفر مبالغ سدادهم وأنا أعيل أسرتي المكونة من زوجتي وطفلين. وفى المقابل لي حقوق كثيرة عند أناس مسلمين حيث لم أكن أرد محتاجا والآن لا أستطيع مطالبتهم لأني أعلم أن أكثرهم في حالة عسر وأنا أخجل من مطالبتهم مع أن حال بعضهم أفضل من حالي الآن. لقت تبت إلى الله والحمد لله ولكني أخاف أن أموت ولأحد عندي حق، مع العلم أني نويت أن أرد أي مبلغ يتوفر معي ولكن على هذا المنوال أحتاج إلى وقت طويل جدا. أفيدوني أفادكم الله وبارك الله فيكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يتوب عليك وأن يتقبل منك وأن يقضي عنك دينك، ونصيحتنا لك أيها الأخ السائل أن تجمع النية على سداد الحقوق الثابتة في ذمتك لأربابها، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري وغيره، وراجع في هذا الفتوى رقم: 4062.

واعلم أنه لا يجب عليك بل لا يجوز لك أن تسدد للبنك أو للتجار الذين اقترضت منهم بالربا إلا ما أخذت منهم، فإنهم لا يحق لهم أن يطالبوك بأكثر مما أعطوك. قال تعالى: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة: 279}

وعقد الربا باطل في الأصل والبطلان يفيد عودة كل واحد من طرفي العقد إلى الحالة التي كان عليها قبل التعاقد، وليس للمقرض قبل العقد إلا رأس المال الذي أقرضه.

أما الشركاء الذين أنكروا مشاركتهم لك فلا شيء لهم عندك سوى ما تبقى من مال الشركة، يعطى كل واحد منهم بنسبة قيمة رأس ماله في الشركة من المال المتبقي، فإن الشريك يتحمل الخسارة كما يشارك في الربح، ويجب عليك سداد القروض التي أعطاها لك أصدقاؤك ولا إثم عليك إن شاء الله بعد ذلك ولو تأخرت في السداد أو مت على ذلك ما دامت نيتك صالحة كما ذكرت. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 13535 19702 21621.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني