الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا يجزئ دفع الزكاة في غير مصارفها المحددة شرعا

السؤال

في بعض السنوات السابقة دفعت زكاة أموالي مرة مساهمة في بناء مسجد ومرة أو مرتين في مسجد ووجهتها لكفالة اليتيم ولم أكن أعلم أن الزكاة لا تجوز على هذه البنود فهل على شيء بمعنى هل زكاتي صحيحة مقبولة إن شاء الله أم ماذا؟أرجو إفادتي ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بين الله تعالى مصارف الزكاة بقوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {التوبة: 60}.

والراجح من كلام علماء التفسير أن المقصود بقوله تعالى في سبيل الله هو المجاهد لإعلاء كلمة الله تعالى.

وعليه، فلا يجزئ صرف الزكاة لغير مصارفها الثمانية المذكورة في هذه الآية المذكورة، وبالتالي فصرفها في شؤون المساجد غير مجزئ عند أكثر أهل العلم.

قال ابن قدامة في المغني:

ولا يجوز صرف الزكاة إلى غير من ذكر الله تعالى من بناء المساجد والقناطر والسقايات وإصلاح الطرقات وسد البثوق وتكفين الموتى والتوسعة على الأضياف وأشباه ذلك من القرب التي لم يذكرها الله تعالى. انتهى

وقال الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: ولا يجوز صرف شيء من الصدقات في غير الوجوه المبينة من عمارة المساجد أو بناء القناطر أو تكفين الموتى أو فك الأسارى أو غير ذلك من المصالح. انتهى

وفي الفتاوى الهندية على الفقه الحنفي: وكذلك في جميع أبواب البر التي لا يقع بها التمليك كعمارة المساجد وبناء القناطر والرباطات لا يجوز صرف الزكاة إلى هذه الوجوه. انتهى

وعليه، فما أخرجته من زكوات في شأن بناء المساجد غير مجزئ عنك، فالواجب إعادة إخراجها مرة أخرى ودفعها لمتسحقيها، وللفائدة راجعي الفتاوى رقم: 57953.

ويجزئ دفع الزكاة من أجل كفالة يتيم إذا كان فقيراً، وقد سبق التفصيل في الفتوى رقم: 27210.

وقبول الطاعات التي يفعلها المسلم أمر غيبي لا يمكن الاطلاع عليه، لكن على المسلم بذل جهده في سبيل أن تكون طاعته مقبولة عند الله تعالى عن طريق فعلها على الهيئة المشروعة مع الإتقان والإخلاص لله عز وجل فيها.

ومن صفات السلف الصالح كونهم يخافون عدم قبول أعمالهم، ففي سنن الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ.

قالت عائشة: هم الذن يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: لا يا بنت الصديق، ولكنهم يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون أن لا يقبل منهم أولئك يسارعون في الخيرات. صححه الشيخ الالباني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني