الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسوسة في الطهارة والصلاة والإيمان

السؤال

فأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يبارك فيكم وفي أعماركم وفي ساعاتكم التي تقضونها في خدمة الإسلام والمسلمين.
فبداية أنا شاب أسكن في الدانمارك في الثانية والعشرين من عمري, أنعم الله علي بالالتزام قبل سنتين, ولكنه أصابني وسواس شديد في هذه الأشهر الأخيرة, بدأت هذه الوسوسة في الطهارة, في الوضوء والغسل, فكلما توضأت أشك بأنني لم أغسل العضو جيداً وكذلك في الغسل أشك أيضا في إيصال الماء إلى سائر الجسد, فسؤالي هو: هل إذا بقيت بقعة من الجسم لم يعمها الماء فهل يجزئ ذلك؟ المسألة الثانية هو: أني قبل الالتزم كان قد صدر مني أقوال ما كنت أعرف أنها كفرية, فمثلا كان قد صدر مني نكتا ما كنت أعرف أن الإنسان يكفر بها والعياذ بالله, فسؤالي هو: هل يجب علي أن أغتسل بسبب أني تذكرت أنه قد صدر مني ذلك أم أن التوبة والالتزام يجب كل ما كان قد صدر مني من أعمال وأقوال كفرية، وهل أنه كان يجب علي الاغتسال والتشهد لما التزمت، وفي حالة إذا لم أغتسل ولكني اكتفيت بالوضوء والتوبة النصوح لله تعالى والشروع في طاعة مولاي سبحانه وتعالى فهل تقبل توبتي بإذن الله.
المسألة الثالثة: أني مرة كنت أصلي فلما وصلت إلى كلمة في آية من كتاب الله عز وجل, كنت نسيتها فقرأت كلمة كنت أعرف أنها ليست من كتاب الله, لأتم القراءة, فهل يعتبر هذا كفراً، وأيضا في بعض الحالات أكون أقرأ وردي من القرآن فإذا أخطأت أشك في أنني تعمدت الخطأ, فيوسوس لي الشيطان عليه لعائن الله المتتالية أني قد كفرت وأنه يجب علي الغسل والتشهد من جديد وأن كل أعمالي من صدقة وصلاة وصيام قد حبطت, فإذا ذهبت واغتسلت وتشهدت وسوس لي بأن الماء لم يعم سائر الجسد, وبذلك فإن إسلامي لا يصح, فسؤالي ماذا أفعل في هذه الحالة، وفي بعض الأحيان إذا ضحكت مع أخ لي وسوس لي الشيطان بأني كفرت لأني ضحكت استهزاء بالدين والعياذ بالله, فإذا جئت أرجع بذاكرتي الخربة أتذكر عن أي شيء ضحكت, عجزت عن تذكر ذلك, مع أني أخاف أن أقع في الكفر, فسؤالي ماذا أفعل في هذه الحالة، مع أني أكره الكفار والكفر, وأخاف أن أقع في الكفر, فسؤالي هل الغسل شرط لدخول الإسلام، في حالة ما إذا والعياذ بالله صدر من إنسان كفر فهل إذا اكتفى بالوضوء والتشهد هل يجزئ له ذلك, وهل التشهد لإقامة الصلاة هل يجزئ عن تشهد الدخول في الإسلام، وفي النهاية أتمنى أن تجيبوا عن كل نقطة, لأنني صرت في حيرة من أمري, مرات أبكي وأبكي في صلاتي, ويصيبني إحساس بأن الله لن يتقبل توبتي, حتى أنني الآن وأنا أكتب إليكم يصيبني وسواس بأن هذه المسائل قد يكون فيها جواب آخر إذا سألت عالما آخر, فأسأل الله السلامة والعافية لكم من هذا الذي أصابني, أتمنى أن تجيبوني بأقرب وقت ممكن؟ بارك الله فيكم، وأتمنى أن ترشدوني إلى الأعمال التي يجب أن أقوم بها لكي أتخلص من هذه المحنة التي أنا فيها والحمد لله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الاستقامة والتمسك بدين الله تعالى، ثم اعلم أن الوسوسة في الطهارة من كيد الشيطان لابن آدم حتى تثقل عليه العبادة فتصبح هماً، والواجب عليك أن لا تسترسل في الوسوسة وأن تقطعها عنك بمجرد طروئها، فإن الاسترسال معها يزيدها، وإن وسوس إليك الشيطان أن وضوءك ناقص أو أن غسلك غير تام، فلا تصغ إليه ولا تتحقق، واصبر على ذلك فسيزول عنك ما بك إن شاء الله، وانظر الفتوى رقم: 24342 .

واستمع لمحاضرة بعنوان (رسالة إلى موسوس) للشيخ سلمان العودة.

هذا، وإن الاغتسال ليس شرطاً في صحة توبة المرتد اتفاقاً عند أهل العلم، وإنما اختلف أهل العلم في وجوب اغتسال الكافر إذا أسلم، فقد أوجبه بعضهم وقيد بعضهم الوجوب بما إذا كان قد حصل منه موجب للاغتسال كالجنابة والحيض والنفاس، وانظر الفتوى رقم: 33821.

وأما الزيادة في القرآن على الصورة التي ذكرتها -فإنها محرمة- ولا تصل للكفر إن شاء الله، ولكن الصلاة تبطل بها، والواجب عليك التوبة من ذلك وعقد العزم على عدم العودة إليه أبداً، وإذا استعجم عليك القرآن أو نسيت باقي الآية فاركع وصلاتك صحيحة ولا شيء عليك، وثق بالله وأحسن الظن به وأنه قد قبل توبتك، ولا تصغ لتقنيط الشيطان أبداً.

وأما باقي ما ذكرت في السؤال فإنه من وسوسة الشيطان وتلاعبه بك، فلا تستسلم له ولا تسترسل مع ما يلقيه إليك، وإذا وقع بقلبك شيء من ذلك فسارع بالاستعاذة بالله منه، وحافظ على الوضوء بقدر المستطاع، وأكثر من ذكر الله تعالى وخاصة أذكار الصباح والمساء والنوم والاستيقاظ ودخول الخلاء ونحو ذلك، وفي كتاب (حصن المسلم) للقحطاني الكثير الطيب من ذلك.

واقرأ القرآن بتدبر وحضور قلب، فإنه شفاء وهدى ونور ورحمة، ولا بأس من استشارة أحد الأطباء النفسيين المسلمين، وإن كنا نظن أن نصائحنا السابقة فيها كفاية وغنية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني