الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ضوابط التكفير وحكم استتابة المرتد

السؤال

شيخنا الفاضل: سؤالى حول تفسير الآية والأحكام المستنبطة منها، يقول الله عز وجل : وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا، يستدل البعض بالآية الكريمة على ضرورة إقامة الحجة والبيان قبل الحكم على من كان على الشرك الأكبر ويقولون إن من ينتسب إلى الإسلام وجهله مركب ولم ينبهه أحد على الشرك يحكم عليه بالإسلام ويعامل معاملة المسلم حتى تقام عليه الحجة، وأن القرآن لا يعتبر حجة كافية في حقه لكون جهله مركبا، والبعض يقول إن الآية بينت أن الله لا يعذب من لم يبلغه رسوله، ومن بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة ولم يبق له عذر فى أن يشرك بالله، والفائدة الثانية هي أنه يجب علينا ألا نعذب المشرك حتى نبين له ونستتيبه قبل الحد وقبل أن نحل دمه وماله وهذا ليس من إقامة الحجة لأن الحجة قد قامت عليه عندما بلغه القرآن باللغة التى يجيدها، أما إن نتوقف فى تكفيره ونعامله على الإسلام وهو يشرك بالله صراحة من دعاء الأولياء والتوكل عليهم ورجائهم فليس هناك دليل على ذلك بل الدليل، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك، ومن بلغه كلام الله فلا عذر له، ومن فرق بين بلوغ الحجة وفهمها يقول إنه نحكم على المرتد المنتسب للإسلام بالكفر، ولكن لا نقيم عليه الحد إلا بعد الاستتابة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبقت لنا فتاوى عدة في ضوابط التكفير، راجع منها على سبيل المثال الفتوى رقم:721 والفتوى رقم:53835 وهنالك فتاوى في ضابط ما يعذر فيه بالجهل وما لا يعذر فيه بالجهل راجع منها الفتوى رقم: 19084 والفتوى رقم: 60824 وهي كافية في بيان ما يتعلق بالشق الأول من السؤال، وبقي أن ننبه إلى أن القول بأن القرآن لا يعتبر حجة كافية قول غير صحيح، ولكن من الممكن أن يقال لا بد من بلوغه على وجه تقوم به الحجة من جهة بيان ما يحتاج إلى تفسير، وتوضيح وإزالة الشبهة إن كانت ثمة شبهة ونحو ذلك، وتراجع في هذا الفتوى رقم: 55353 والفتوى رقم:72035 .

وأما الشق الثاني من السؤال والمتعلق باستتابة المرتد فإن هذه المسألة قد اختلف فيها العلماء، فذهب أكثر أهل العلم إلى وجوبها، واستدلوا على ذلك بأثر عمر رضي الله عنه، وقد سبق بيانه بالفتوى رقم: 33562 وذهب آخرون إلى استحبابها، وحجتهم أن الدعوة قد بلغته، وقول الجمهور أقرب إلى الصواب، واستتابة المرتد فيها كثيرمن المصالح غيرمصلحة إقامة الحجة، ومن ذلك رجاء عودته إلى رشده ورجوعه إلى الإسلام، قال ابن قدامة في المغني في معرض استدلاله على وجوب الاستتابة: ولو لم تجب استتابته لما برئ من فعلهم ولأنه أمكن استصلاحه فلم يجز إتلافه قبل استصلاحه كالثوب النجس اهــ .

وننبه إلى أن إقامة الحدود من شأن سلطان المسلمين أو من ينوب عنه، فليس لعامة الأفراد استيفاؤها وتراجع الفتوى رقم: 23376 ، ولمزيد الفائدة عن قتل المرتد والرد على بعض الشبهات حوله تراجع الفتويان : 72201 / 13987 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني