الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

من باب الشرب ( كتاب المشكاة ) في شرب الماء، أرجو التوضيح في ثلاثة أحاديث ..... وما هي أحكامها
1- عن أنس رضي الله عنه في النهي أن يشرب وهو قائم . رواه مسلم
2- عن أبي هريرة لا يشرب أحد منكم قائما من نسي فليسترق .... ، رواه مسلم3- عن علي رضي الله عنه: صلى الظهر ثم قعد ................. قال إن الناس يكرهون الشرب قائما وإن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل صنعت، رواه البخاري

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن لفظ حديث أبي هريرة الذي في صحيح مسلم هو قوله صلى الله عليه وسلم: لا يشربن أحد منكم قائما، فمن نسي فليستقئ. وفيه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب قائما. وفيه عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن الشرب قائما. فهذه الأحاديث تدل على أنه ثبت النهي عن الشرب في حال القيام.

وقد ثبت أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب زمزم وهو واقف، وأن عليا رضي الله عنه شرب وهو واقف، وقد وفق العلماء رحمهم الله تعالى بين الأمرين بأن النهي للكراهة التنزيهية، وليس للتحريم، وأن شرب النبي صلى الله عليه وسلم واقفا كان لبيان الجواز، قال النووي في شرح صحيح مسلم بعد ذكر هذه الأحاديث: وليس في هذه الأحاديث بحمد الله تعالى إشكال ولا فيها ضعف، بل كلها صحيحة، والصواب فيها أن النهي فيها محمول على كراهة التنزيه، وأما شربه صلى الله عليه وسلم قائما فبيان للجواز، فلا إشكال ولا تعارض، وهذا الذي ذكرناه يتعين المصير إليه... إلى أن قال: فإن قيل: كيف يكون الشرب قائما مكروها وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فالجواب أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا كان بيانا للجواز لا يكون مكروها، بل البيان واجب عليه صلى الله عليه وسلم فكيف يكون مكروها، وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وطاف على بعير، مع أن الإجماع على أن الوضوء ثلاثا والطواف ماشيا أكمل، ونظائر هذا غير منحصرة، فكان صلى الله عليه وسلم ينبه على جواز الشيء مرة أو مرات، ويواظب على الأفضل منه، وهكذا كان أكثر وضوئه صلى الله عليه وسلم ثلاثا، وأكثر طوافه ماشيا، وأكثر شربه جالسا، وهذا واضح لا يتشكك فيه من له أدنى نسبة إلى علم. والله أعلم.

واما قوله صلى الله عليه وسلم: فمن نسي فليستقئ فمحمول على الاستحباب والندب، فيستحب لمن شرب قائما أن يتقايأه لهذا الحديث الصحيح الصريح، فإن الأمر إذا تعذر حمله على الوجوب حمل على الاستحباب... إلى أن قال: ثم اعلم أنه تستحب الاستقاءة لمن شرب قائما ناسيا أو متعمدا، وذكر الناسي في الحديث ليس المراد به أن القاصد يخالفه، بل للتنبيه به على غيره بطريق الأولى لأنه إذا أمر به الناسي وهو غير مخاطب فالعامد المخاطب المكلف أولى، وهذا واضح لا شك فيه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني