الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن باع ذهبا ليتخلص من الزكاة

السؤال

إذا بلغ الذهب النصاب وجبت عليه الزكاة، لكن أحيانا قد يتعذر على المسلم أن يدفع الزكاة سنويا، والسؤال: هل يجوز تعمد بيع قليل من الذهب ليصبح ما بحوزة الشخص دون النصاب, وبذلك تسقط عنه الزكاة المتعينة على ما يمتلكه الشخص من ذهب، فأفيدونا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإنه لا ينبغي للمسلم أن يبيع ماله أو يبيع بعضه حتى ينقص عن النصاب تهرباً من وجوب الزكاة، فإن فعل ذلك عند بداية الحول أو أثنائه فلا شيء عليه، وإن فعله بعد الوجوب وهو تمام الحول لزمه إخراج الزكاة، أما إذا فعل ذلك قبيل تمام الحول قرب الوجوب فقد اختلف في إلزامه بالزكاة، فمن أهل العلم من يرى أنه ملزم بإخراج الزكاة معاملة له بنقيض قصده وهو مذهب المالكية والحنابلة، ومنهم من يرى أنه لا زكاة عليه وهو مذهب الشافعية والأحناف مع كراهة ما فعل كما ذكر النووي.

قال ابن قدامة في المغني: وكذلك لو أتلف جزءاً من النصاب، قصداً للتنقيص، لتسقط عنه الزكاة لم تسقط، وتؤخذ الزكاة منه في آخر الحول إذا كان إبداله وإتلافه عند قرب الوجوب، ولو فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة، لأن ذلك ليس بمظنة للفرار، وبما ذكرناه قال مالك والأوزاعي وابن الماجشون وإسحاق وأبو عبيد. وقال أبو حنيفة والشافعي: تسقط عنه الزكاة، لأنه نقص قبل تمام حوله، فلم تجب فيه الزكاة، كما لو أتلفه لحاجته. انتهى.

وبما ذكرنا يتبين أن بيع بعض الذهب المذكور إذا كان عند بداية الحول لا شيء فيه ولو كان بالقصد المذكور، وإن بيع قرب نهاية الحول ففيه الخلاف المذكور، وإن بيع بعد نهاية الحول وجبت فيه الزكاة بالاتفاق، ثم إن ما ذكرنا من سقوط الزكاة في الذهب لو بيع أو بيع بعضه ونقص عن النصاب، محله إذا بيع بغير النقود وما في حكمها كعروض التجارة بأن بيع بشيء للقنية، أما إذا بيع بالفلوس أو ما في حكمها من البضائع التي تراد للبيع وبقي ذلك إلى تمام الحول فلا تسقط الزكاة هنا على ما رجحه كثير من أهل العلم من أن الذهب يضم إلى الفضة لتكميل النصاب.

وعليه؛ فتجب في الجميع أي في باقي الذهب ولو نقص عن النصاب وثمن ما بيع منه إن حال الحول على الجميع وهو نصاب بنفسه، أو بما ينضم إليه مما يملكه صاحب المال من الفلوس وبضائع التجارة وذلك لما تقرر عند أهل العلم من أن العملات المتعامل بها حكمها حكم الذهب والفضة في سائر الأحكام، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 11736، وللمزيد من الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 28846، والفتوى رقم: 68614.

هذا إذا كان الذهب غير حلي متخذ للنساء، فإن كان حلياً فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 6237، خلاف العلماء في وجوب زكاة الحلي، وخلصنا فيها إلى أن الراجح هو عدم وجوب زكاة الحلي المعد للزينة ولو كان أكثر من النصاب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني