الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

جواز رؤية الله تعالى مناماً

السؤال

هل ثبت في السنة النبوية المطهرة أن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه رأى ربه في المنام؛ وإذا ورد هذا في السنة فهل ورد في السنة نصوص الحوارات التي دارت بين الذات العالية سبحانه وتعالى والإمام أحمد؟ أفيدوني جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فقد اختلف العلماء في رؤية الله تعالى مناماً، هل تقع أم لا؟.‏
قال السفارني في لوامع الأنوار البهية (2/285): ( وقد اختلف في رؤية الله تعالى مناماً ‏والحق جوازها وبالله التوفيق).‏
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية 1/73 ( فالإنسان قد يرى ربه ‏في المنام ويخاطبه، فهذا حق في الرؤيا، ولا يجوز أن يعتقد أن الله في نفسه مثل ما رأى في ‏المنام، فإن سائر ما يرى في المنام لا يجب أن يكون متماثلاً، ولكن لا بد أن تكون الصورة ‏التي رآها فيها مناسبة ومشابهة لاعتقاده في ربه، فإن كان إيمانه واعتقاده مطابقاً أتي من ‏الصور وسمع من الكلام ما يناسب ذلك، وإلا كان بالعكس. قال بعض المشايخ: إذا رأى ‏العبد ربه في صورة كانت تلك الصورة حجاباً بينه وبين الله.‏
وما زال الصالحون وغيرهم يرون ربهم في المنام ويخاطبهم، وما أظن عاقلاً ينكر ذلك، فإن ‏وجود هذا مما لا يمكن دفعه، إذ الرؤيا تقع للإنسان بغير اختياره، وهذه مسألة معروفة، ‏وقد ذكرها العلماء من أصحابنا وغيرهم في أصول الدين، وحكوا عن طائفة من المعتزلة ‏وغيرهم إنكار رؤية الله، والنقل بذلك متواتر عمن رأى ربه في المنام) انتهى.
وقال في ‏مجموع الفتاوى (5/201):
‏( ومن رأى الله عز وجل في المنام فإنه يراه في صورة من الصور بحسب حال الرائي، إن ‏كان صالحاً رآه في صورة حسنة، ولهذا رآه النبي صلى الله عليه وسلم في أحسن صورة) ‏انتهى.‏
وحديث رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه مناماً في أحسن صورة حديث صحيح رواه ‏أحمد وغيره، ونصه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم غداة وهو طيب ‏النفس، مسفر الوجه أو مشرق الوجه، فقلنا: يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر ‏الوجه أو مشرق الوجه، فقال: " ما يمنعني وأتاني ربي الليلة في أحسن صورة، فقال: يا ‏محمد. قلت: لبيك ربي وسعديك. فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: لا أدري أي ‏رب. قال ذلك مرتين أو ثلاثاً.‏
قال: فوضع كفه بين كتفي، فوجدت بردها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السماوات وما ‏في الأرض. ثم تلا هذه الآية ( وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض) الآية، ‏قال: يا محمد: فيم يختصم الملأ الأعلى؟. قال: قلت في الكفارات. قال: وما الكفارات؟ ‏قلت: المشي على الأقدام إلى الجماعات، والجلوس في المساجد خلاف الصلوات (بعد ‏الصلوات ) وإبلاغ (اسباغ) الوضوء في المكاره. قال: من فعل ذلك عاش بخير، ومات ‏بخير، وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه. ومن الدرجات: طيب الكلام، وبذل السلام، ‏وإطعام الطعام، والصلاة بالليل والناس نيام.‏
فقال: يا محمد إذا صليت فقل: اللهم إني أسألك الطيبات، وترك المنكرات وحب ‏المساكين، وأن تتوب علي، وإذا أردت فتنة في الناس فتوفني غير مفتون) رواه أحمد ورجاله ‏ثقات.
وأما رؤية الإمام أحمد لربه تعالى مناماً فهذا ذكره بعض العلماء، ولم نقف على ‏ثبوت ذلك عنه رحمه الله.‏
والله أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني