الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحوال من يقع منه الطلاق ومن لا يقع منه

السؤال

ما هي الحالات التي لا يقع فيها الطلاق؟ مع التركيز علي الطلاق المشروط؟ وما المقصود بالنية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فبما أن الطلاق تصرف من التصرفات التي لها آثارها ونتائجها في الحياة الزوجية، فلابد أن يكون من صدر منه كامل الأهلية، حتى تصح تصرفاته، وإنما تكمل أهليته بالعقل والبلوغ والاختيار، ولهذا فقد اتُفق على أن الزوج البالغ العاقل المختار هو الذي يقع طلاقه. أما إن كان صبياً أو مجنوناً أو مكرها، فإن طلاقه يعتبر لغوا لو صدر منه.
روى أصحاب السنن عن علي رضي الله عنه أنه قال: "رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل طلاق جائز، إلا طلاق المعتوه المغلوب على عقله". قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه مرفوعاً إلا من حديث عطاء بن عجلان، وهو ضعيف، والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما فيمن يكرهه اللصوص فيطلق: ليس بشيء. رواه البخاري.
وبما تقدم يتبين أن الإنسان عندما يفقد عقله أو إرادته، فلا أثر لما صدر منه من طلاق، لأن الإرادة والاختيار هما أساس التكليف، فإذا ما فُقِدا فُقِد التكليف، واعتبر المكره غير مسئول عن أقواله، لأنه مسلوب الإرادة، وهنالك حالات أخرى مختلف في وقوع الطلاق من المتلبس بها، وهي: السكر والغضب والسحر، أعني: طلاق المسحور.
فبالنسبة لحالتي الغضب والسحر، انظر ما كتبناه تحت رقمي: 1496، 11577.
وأما بالنسبة لحالة السكر، فمذهب جمهور الفقهاء على وقوعه فيها، لأنه المتسبب بإدخال الفساد على عقله بإرادته.
وبخصوص الطلاق المشروط، أعني المعلق: فهو أن يعلق الزوج طلاق امرأته على حصول أمر معدوم، ويمكن أن يوجد، وحكمه: أنه إذا كان قصده منه إيقاع الطلاق عند حصول الشرط، فهو واقع بلا خلاف.
أما إذا كان القصد منه هو مجرد الحمل على الفعل، أو الترك، أو التهديد، فهذا محل خلاف، والجمهور على وقوعه، لأن الصيغة نص في تعليق الطلاق على أمر، وقد وقع الأمر المعلق عليه، وذهب بعضهم إلى أنه لا يقع، وجعل هذا من التهديد بالطلاق، والتهديد بالطلاق ليس طلاقاً، ويلزمه حينئذ كفارة يمين، وهذا هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء، وهو الظاهر، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "وإنما لكل امرئ ما نوى"، والنية هي: القصد بالقلب.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني