الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

ما هي درجة الفرق في الإثم إن كان هناك فرق بين من يزني بمحصنة ومن يزني بغير محصنة، ومن يزني بصبية غير بالغة. وهل يتساوى في الإثم أيضاً من يزني بمسلمة ومن يزني بغير مسلمة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالزنى كله محرم وهو كبيرة من أخطر الكبائر، وقد حرمه الله تعالى وحرم جميع ما يؤدي إليه من الوسائل فقال: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}وهو يتفاوت بقدر الأضرار التي تلحق بالغير، فالزنى بالمحصنة المتزوجة أعظم خطرا وجرما من غيرها لاسيما إذا كان زوجها جارا أو مجاهدا، وفي الزنا بالبكر إلحاق ضرر بها حيث تتضرر بإزالة بكارتها، وهذا قد يؤدي لاتهام زوجها لها إذا تزوجت، وقد يفضحها أو يصبر عليها مع حصول الظن والشكوك.

ومثلها الصبية التي لم تبلغ ففي الزنى بها أضرار بها وجرها للرذيلة وإلحاق الضرر بأهلها، ويحرم الزنى مع كل النساء مهما كانت معتقداتهن، وإثم الزنى بالمغتصبة أعظم من المطاوعة.

وأما درجات الفروق فإنها لا يمكن تحديدها إلا من الشارع الذي حرم الزنى، ولا نعلم عنه تحديدا في درجات الفرق بينها، وقد بين التفاوت بين بعض أنواع الزنى ابن القيم في الجواب الكافي فقال: وأعظم أنواع الزنا أن يزني بحليلة جاره فإن مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما انتهكه من الحق، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي لا زوج لها إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه وتعليق نسب عليه لم يكن منه وغير ذلك من أنواع أذاه فهو أعظم إثما وجرما من الزنا بغير ذات البعل، فإن كان زوجها جارا له انضاف إلى ذلك سوء الجوار وآذى جاره بأعلى أنواع الأذى وذلك من أعظم البوائق وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه، ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأته، فالزنا بمائة امرأة لا زوج لها أيسر عند الله من الزنا بامرأة الجار فإن كان الجار أخا له أو قريبا من أقاربه انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم، فإن كان الجار غائبا في طاعة الله كالصلاة وطلب العلم والجهاد تضاعف الإثم حتى إن الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة ويقال خذ من حسناته ما شئت قال النبي صلى الله عليه وسلم: فما ظنكم أي ما ظنكم بانه ترك له من حسنات قد حكم في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة حيث لا يترك الأب لابنه ولا الصديق لصديقه حقا يجب عليه فإن اتفق أن تكون المرأة رحما منه انضاف إلى ذلك قطيعة رحمها، فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا كان الإثم أعظم، فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم، فإن اقترن بذلك أن يكون في شهر حرام أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله كاوقات الصلاة وأوقات الإجابة تضاعف الإثم، وعلى هذا فاعتبر مفاسد الذنوب وتضاعف درجاتها في الإثم والعقوبة، والله المستعان.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني