الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في عورة المرأة بالنسبة للمرأة

السؤال

ما هي حدود عورة المرأة للمرأة المسلمة للضرورة ولغير الضرورة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمذهب جمهور العلماء على أن عورة المرأة عند المرأة المسلمة كعورة الرجل بالنسبة للرجل، ومذهب الجمهور أن عورة الرجل للرجل ما بين سرته وركبته فتكونُ عورة المرأة للمرأة كذلك أي ما بين السرة والركبة.

جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب الفقهاء إلى أن عورة المرأة بالنسبة للمرأة هي كعورة الرجل إلى الرجل، أي ما بين السرة والركبة، ولذا يجوز لها النظر إلى جميع بدنها عدا ما بين هذين العضوين ، وذلك لوجود المجانسة وانعدام الشهوة غالبا ، ولكن يحرم ذلك مع الشهوة وخوف الفتنة. انتهى.

وقيل : عورة المرأة للمرأة هي السوأتانِ فقط بناء على أن عورة الرجل هي السوأتان، وهو قول في مذهب مالك وأحمد، وأشار المرداوي في الإنصاف إلى مذهب أحمد فقال: قوله: وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة: يجوز للمرأة المسلمة النظر من المرأة المسلمة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة. جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف هنا وصاحب الرعاية الصغرى والحاوي الصغير الوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى. والصحيح من المذهب أنها لا تنظر منها إلا إلى غير العورة، وجزم به في المحرر والنظم والمنور. ولعل من قطع أَوّلاً أراد هذا. لكن صاحب الرعاية غاير بين القولين وهو الظاهر. ومرادهم بعورة المرأة هنا كعورة الرجل على الخلاف. صرح به الزركشي في شرح الوجيز. انتهى

وقد رجحنا القول الأول ، وذكرنا أدلته وهو أن عورة المرأة للمرأة ما بين السرة والركبة في الفتوى رقم: 7254.

وفي المسألة قولٌ ثالث نرى أنه أحوط الأقوال وأبعدها عن الريبة والفتنة فضلاً عن أنه يتماشى مع ظاهر القرآن، وهو أن عورة المرأة عند أختها المسلمة هو ما يظهرُ غالباً أي مواضع الزينة، تماماً كالذي تظهره المرأة عند محارمها، فقد قارن الله النساء في الآية بالمحارم، فاستدل به من قال باستوائهم فيما يجوز أن تظهره المرأة أمامهم، قال عز وجل: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ {النور :31 }

وقد رجح هذا القول جمعٌ من محققي العلماء.

جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: وقد دل ظاهر القرآن على أن المرأة لا تبدي للمرأة إلا ما تبديه لمحارمها ، مما جرت العادة بكشفه في البيت ، وحال المهنة (يعني الخدمة في البيت) ، كما قال تعالى : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ) {النور:31}

وإذا كان هذا هو نص القرآن وهو ما دلت عليه السنة ، فإنه هو الذي جرى عليه عمل نساء الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونساء الصحابة ، ومن اتبعهن بإحسان من نساء الأمة إلى عصرنا هذا ، وما جرت العادة بكشفه للمذكورين في الآية هو ما يظهر من المرأة غالباً في البيت ، وحال المهنة ، ويشق عليها التحرز منه ، كانكشاف الرأس واليدين والعنق والقدمين ، وأما التوسع في التكشف فعلاوة على أنه لم يدل على جوازه دليل من كتاب أو سنة – هو أيضاً طريق لفتنة المرأة والافتتان بها من بنات جنسها ، وهذا موجود بينهن ، وفيه أيضاً قدوة سيئة لغيرهن من النساء ، كما أن في ذلك تشبهاً بالكافرات والبغايا والماجنات في لباسهن ، وقد ثبت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) أخرجه الإمام أحمد وأبو داود. انتهى.

وقال العلامة العثيمين رحمه الله في فتاواه: عورة المرأة مع المرأة، كعورة الرجل مع الرجل أي ما بين السرة والركبة ، ولكن هذا لا يعني أن النساء يلبسن أمام النساء ثياباً قصيرة لا تستر إلا ما بين السرة والركبة فإن هذا لا يقوله أحد من أهل العلم، ولكن معنى ذلك أن المرأة إذا كان عليها ثياب واسعة فضفاضة طويلة ثم حصل لها أن خرج شيء من ساقها أو من نحرها أو ما أشبه ذلك أمام الأخرى فإن هذا ليس فيه إثم ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن لباس النساء في عهد النبي صلي الله عليه وسلم الله عليه وسلم كان ساتراً من الكف كف اليد إلى كعب الرِجْل ، ومن المعلوم أنه لو فتح للنساء الباب في تقصير الثياب للزم من ذلك محاذير متعددة ، وتدهور الوضع إلى أن تقوم النساء بلباس بعيد عن اللباس الإسلامي شبيه بلباس الكفار. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني