الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استخدام المعاريض عند الحاجة لتفادي الكذب

السؤال

قبل أن أطرح سؤالي أتقدم إليكم برجاء بسيط وهو: أن تحاولوا إجابتي وأن لا تحيلوني إلى فتوى مشابهة وجازاكم الله عني كل خير.
أنا سيدة مسلمة متزوجة منذ سنوات، عانيت وزوجي الكثير قبل أن ننجب طفلنا الأول بواسطة تقنية أطفال الأنابيب، والسبب في اضطرارنا للجوء لهذه التقنية هو ضعف، أوانعدام حركة الحيوانات المنوية لدى زوجي بسبب دوالي الخصيتين، ورغم قيامه بعمليتين جراحيتين على أيدي أخصائيين مختلفين إلا أن المشكلة لا تزال قائمة، حيث لم تتحسن حركة الحيوانات المنوية وظلت إمكانية الحمل الطبيعي علميا شبه مستحيلة، بل إن المشكلة ازدادت تعقيدا، حيث أصبح زوجي محتاجا لإجراء عملية ثالثة لإزالة الماء المتراكم في الخصيتين إثر العملية الثانية والذي سبب له انتفاخا وأوجاعا متكررة.
ولقد حرصنا على إخفاء جميع هذه العمليات عن العائلة وأعاننا على ذلك بعدنا عنهم، حيث إننا لا نعيش في نفس المدينة بسبب ظروف عمل زوجي، وذلك لأسباب عديدة أهمها حرصنا على سلامة طفلنا وما قد يسببه له ذلك من مشاكل نفسية ـ وربما اجتماعية ـ خاصة وأننا نعيش في مجتمع شبه قروي وما قد تسببه من إحراج أيضا لزوجي خاصة مع أهله و أصدقائه، والحقيقة أننا عانينا خلال سنوات من العقم لم نترك فيها علاجا إلا جربناه و قد كلفنا ذلك الكثير من المعانات والمشقة النفسية والمادية و كنا خلال كل تلك المدة نخفي كل ذلك العذاب عن أسرتي و أسرة زوجي للأسباب التي ذكرتها سابقا، ولكن أيضا لحرصنا على أن لا نزيدهم على همومهم هما، وأيضا لأننا كنا نريد أن نتخلص من الضغوطات المسلطة علينا خاصة عندما طالت فترة الزواج ولم يتم الحمل ولم يكن أمامنا من حل سوى اختلاق بعض الكذب حتى نصرفهم عنا ريثما يجري زوجي العملية أوريثما نجري عملية الإخصاب المجهري التي تكللت بالنجاح بعد محاولات عديدة و بعد تجميد عدد من الأجنة حيث كنت أفهمهم أن هناك مشكلا عندي وليس عند زوجي وأنني أتابع العلاج وكان زوجي أيضا عندما يتغيب عن العمل بسبب العملية يفهم أسرته أنه يعاني من آلام في الظهر وأن الطبيب نصحه بالراحة، المهم أننا كنا نختلق بعض الأعذار وحقيقة لا أريد أن أسميها أكاذيب فمقصدنا كان الستر والبعد عن الضغط و لم يكن أمامنا أي خيارغير الصبر والدعاء ولم نقصد أحدا غير الله بعد الأخذ بالأسباب ـ والحمد لله ـ أن استجاب لدعائنا ورزقنا مولودا نرجو الله أن يكون من الصالحين.
والآن كبر طفلنا ولا يزال لدينا بعض الأجنة المجمدة التي نحتاج لزرعها عسى الله أن يرزقنا منها أخا أو أختا لطفلنا، والحقيقة أننا لا نزال نعاني من ضغط الأسرة و تساؤلاتهم حول عدم إنجابنا حتى الآن فقد مضت سنوات على إنجابنا طفلنا الأول فهم يظنون أن المشكلة قد زالت، فلم لا أسارع بالإنجاب، خاصة وأنني أصبحت أتقدم في السن و قد يصبح الأمر أصعب، ولأن هذا الضغط المسلط علي أصبح كبيرا فإنه سبب لي مشاكل أكبر نفسية و أسرية يضاف إليها صعوبة العلاج و تعقيده و الآثار الجانبية الخطيرة للأدوية التي أتناولها فإني أحتاج لمتابعة العلاج للتخلص من الضغط ولم أجد من حل غير إيهام الأسرة أنني قد حملت وأسقطت وأن حملي مرة أخرى قد يطول ريثما أتابع العلاج بعيدا عن الضغوطات، والمشكلة سيدي الشيخ: أنني لا أحب الكذب فأنا ـ والحمد لله ـ ملتزمة و لكنني أخفيت الأمر في الأول حرصا على طفلي مما قد يسببه له ذلك وكذلك حرصا على أسرتي من التدخلات الخارجية وأريد الآن إخفاءه لأننا نعتبره أمرا خاصا جدا، وسؤالي الآن، هل ما قمنا به يعتبر كذبا؟ وهل يجوز لي أن أخبر العائلة أنني قد حملت وأسقطت وأن حملي مرة أخرى قد يطول حتى يتركوني أتابع علاجي و حتى لا يشكوا في أمر ابني؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يفرج عنكم وهنيئا لكم بما وفقكم الله له من الصبر والدعاء واللجوء إلى الله تعالى.

ونفيدك أن الكذب عرفه النووي بأنه الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عليه ـ سواء كان عمدا أو جهلا أو سهواـ وأما حكم الكذب فالأصل فيه التحريم، لما في حديث الصحيحين: وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار.

وإذا احتاج الإنسان لإخفاء بعض أموره فليستخدم المعاريض لتفادي الكذب، فقد روي البخاري في الأدب المفرد عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب.

وعليه فيتعين عليك في إخبارك للعائلة أن تستخدمي التورية والتعريض، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 7758، 7432، 39152، 124083.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني