الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فضل الذبح لله ووجه قرنه بالصلاة

السؤال

ما فضل الذبح لله ؟ وما صحة ما يفعله الكثير من الناس من الذبح لله عند وقوع ضرر أو رجاء حصول الخير؟ وهل للذبح لله أفضلية على العبادات الأخرى لكونه مرتبطا بالتوحيد؟ ولماذا قرنه الله تعالى بالصلاة في قوله : ( فصلّ لربك وانحر) بارك الله فيكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن العبادات وأعمال البر وصنائع المعروف عموما من أسباب استجلاب النعم ودفع النقم، ومن ذلك الذبح لله تعالى. فلا بأس بذلك ما لم يقترن به اعتقاد فاسد كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 7456.

والذبح بقصد القربة إلى الله تعالى من أفضل العبادات المالية، لأنه يجتمع فيه أمران: الأول أنه طاعة لله. والثاني أنه بذل ماله وطابت به نفسه والبذل مشترك في جنس المال، لكن زاد الذبح على غيره، من حيث إن الحيوانات محبوبة لأربابها يوجد لذبحها ألم في النفوس من شدة محبتها. فإذا بذله لله وسمحت نفسه بإذاقة الحيوان الموت صار أفضل من مطلق العبادات المالية، وكذلك ما يجمع له عند النحر إذا قارنه الإيمان والإخلاص من قوة اليقين وحسن الظن بالله أمر عجيب. شرح ثلاثة الأصول لابن عثيمين.

ولما كانت الصلاة أفضل العبادات البدنية، والذبح أفضل العبادات المالية، فلذلك قرن الله بينهما في قوله سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ {الأنعام: 162-163}. وقوله: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ {الكوثر: 2}

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الصَّلَاةَ وَالنُّسُك هُمَا أَجَلُّ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ...... فَإِنَّ الصَّلَاةَ وَالنَّحْرَ مَحْفُوفَانِ بِإِنْعَامِ قَبْلِهِمَا وَإِنْعَامٍ بَعْدِهِمَا وَأَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الْمَالِيَّةِ النَّحْرُ وَأَجَلُّ الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ الصَّلَاةُ، وَمَا يَجْتَمِعُ لِلْعَبْدِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَجْتَمِعُ لَهُ فِي غَيْرِهَا مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ، كَمَا عَرَفَهُ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ الْحَيَّةِ وَأَصْحَابُ الْهِمَمِ الْعَالِيَةِ، وَمَا يَجْتَمِعُ لَهُ فِي نَحْرِهِ مِنْ إيثَارِ اللَّهِ وَحُسْنِ الظَّنِّ بِهِ وَقُوَّةِ الْيَقِينِ وَالْوُثُوقِ بِمَا فِي يَدِ اللَّهِ أَمْرٌ عَجِيبٌ إذَا قَارَنَ ذَلِكَ الْإِيمَانَ وَالْإِخْلَاصَ. ا.هـ مع الحذف.

وقال السعدي رحمه الله: خص هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما من أفضل العبادات وأجل القربات. ولأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب والجوارح لله، وتنقلها في أنواع العبودية، وفي النحر تقرب إلى الله بأفضل ما عند العبد من النحائر، وإخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته والشح به. وقال: ... ومن أخلص في صلاته ونسكه، استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله. ا.هـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني