الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأسباب المعينة على التخلص من غواية الشيطان

السؤال

إلى جميع الإخوان إنني أستنصركم على عدوي وعدو كل البشرية ذلك هو الشيطان اللعين، يا عالم هل لي من متاب من ذنب أصبته مراراً وتكراراً؟ كل مرة أقطع فيها الأف العهود ألا أعود و(لكن)- ما أشد لؤمي - سرعان ما يغلبني هذا اللعين رغم تلك العهود العظيمة.. ماذا أعمل؟ كيف أتخلص؟ أواجه الإحسان -من الله- بالمعاصي كلما ذهبت إلي الإنترنت، ياللخزي من كثرة انتكاساتي أخشى أن يكون الله قد طبع على قلبي؟ أعوذ بالله من ذلك، أيها الإخوه إنني أعيش صراعا مريرا أهزم فيه كل مره ألا مرتين فقط، كيف أنزجر؟ ماذا أصنع؟
إنني لأرجو منكم الدعاء لعل التواب الرحيم أن يقبلني وأن أتوب ولا أعود إلى هذه المستنقعات القذرة يا إخوان ما يزيد ندمي أنني كنت على خير عظيم؟ ولكنني ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم انزلقت بعد الهدى، الدعاء الدعاء لي لعل الله أن يجعلني من جنده في هذا الزمن الذي تنكر فيه (المسلمون) لدينهم، في هذا الزمن الذي تكالبت فيه الأعداء وتخلي أبناء الإسلام عنه إلا من رحم ربي، أشهد الله وأشهدكم أني تبت من الآن.. فاللهم ثبتني وانصرني يا أكرم الأكرمين يا أرحم الراحمين، يا ذا الجلال والإكرام آمين يا الله، أتمنى منكم نصيحه حول أمري هذا، وأدعوا الله لي بزوجه صالحه لعل الله أن يجعلها مفتاح الاستقامه إنه ولي ذلك والقادر عليه..؟ وجزاكم الله الدرجات العلى في مستقر رحمته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الشيطان عدو لنا كما قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ [فاطر:6]. وهو يجري منا مجرى الدم، وقد عزم على إغوائنا وإبعادنا عن الصراط المستقيم حتى نكون في النار، ففي حديث الصحيحين: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم. وقد أخبر الله تعالى عن الشيطان أنه قال: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [صّ:82]. ومن الأسباب المعينة على السلامة من شره: 1- الإيمان بالله وعبادته بإخلاص والتوكل عليه والاستعاذة به، قال الله تعالى: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200]، وقال الله تعالى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ* إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [لنحل:98-99-100]. وقد أخبر الله تعالى عن الشيطان أنه قال: قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر:39-40]. فأجابه الله: قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ* إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ [الحجر:41-42]. 2- الالتزام بالكتاب والسنة والإكثار من تلاوة القرآن ولاسيما البقرة وبالأخص آية الكرسي والآيتين الأخيرتين من السورة. ففي حديث ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم خط خطا بيده ثم قال: هذا سبيل الله مستقيماً ثم خط عن يمينه وشماله، ثم قال: هذه السبل ليس منها سبيل إلا عليه شيطان يدعو إليه، ثم قرأ: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. رواه أحمد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة. رواه مسلم. وفي حديث أبي هريرة: أن الشيطان قال له إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقول الشيطان، قال: صدقك وهو كذوب. رواه البخاري. وروى النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان. رواه الترمذي والحاكم والطبراني، وقال الهيثمي رجاله ثقات وصححه الألباني في صحيح الترغيب. 3- المحافظة على الصلاة في الجماعة والأذان لها وقيام الليل، فقد روى أبو الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية ولا بدولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذنب القاصية. رواه النسائي وقال: قال السائب -أحد رواة الحديث- يعني بالجماعة جماعة الصلاة، ورواه أبو داود والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وعن ابن مسعود قال: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم رجل نام ليلة حتى أصبح قال: ذاك رجل بال الشيطان في أذنه. رواه البخاري ومسلم. وروى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطاً طيب النفس، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. رواه البخاري ومسلم. 4- المحافظة على ذكر الله تعالى دائماً، ولا سيما الأذكار المقيدة: صباحاً ومساء عند النوم وعند الدخول والخروج والأكل والجماع وعند الخلاء ونزع الثياب، ففي حديث الحارث الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وآمركم بذكر الله كثيراً، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره حتى أتى على حصن حصين فأحرز نفسه فيه، كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان إلا بذكر الله. رواه أحمد والترمذي والحاكم وأبو يعلى واللفظ لأبي يعلى وصححه الأرنؤوط والألباني وحسين أسد في تحقيق مسند أبي يعلى. وراجع كتب الأذكار لتعرف دعاء الدخول والخروج والأكل والشرب والجماع وعند الخلاء ونزع الثياب وأذكار الصباح والمساء، وراجع الفتوى رقم: 11882. 5- الالتزام بالجماعة، ففي حديث عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة، فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد. رواه الترمذي والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه الألباني في صحيح الترمذي. 6- البعد عن اتباع خطوات الشيطان ومظان وجوده، كالسوق ومجالس النساء ولا سيما الخلوة والانفراد بهن، ومجالس الغناء، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ [النور:21]. وفي الحديث: لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، ففيها باض الشيطان وفرخ. رواه مسلم من حديث سلمان الفارسي موقوفاً ورفعه الطبراني وغيره، وفي رواية: لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان وبها ينصب رايته. رواها مسلم عن سلمان موقوفة ورواها البزار مرفوعه. وفي الحديث: ألا لا يخلونّ رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما. رواه الحاكم من حديث عمر وصححه ووافقه الذهبي. وينبغي أن تعلم أن الإنترنت آلة ينبغي الاستفادة من خيرها والبعد عن شرها، ومما يعين على الاستفادة منها أن لا تدخل عليها وحدك، بل اتخذ رفقة صالحة وبرمج معهم برامج مفيدة، ولتكن منها برامج تتابعون فيها دروساً علمية لبعض العلماء، أو تبحثون في كتب نافعة أو تسألون أهل العلم من خلالها عما أشكل عليكم. وعليك بمراجعة إغاثة اللهفان من مكايد الشيطان لابن القيم، وتلبيس إبليس لابن الجوزي، ووقاية الإنسان من الجن والشيطان لوحيد عبد السلام بالي، والصحيح المسند من أذكار اليوم والليلة لمصطفى العدوي والأذكار النووية، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 12928، 7547، 1568، 6617، 2586، 1208، 31768، 3364، 29324، 30945. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني