الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا فرق في وجوب البر بين الآباء والأجداد

السؤال

إني أقيم مع أبي وهو شيخ مسن و أرمل في الثالثة و الثمانين من العمر. و تقيم معنا أختي 50 سنة أيضا أرملة وابنها المسمى حسين منذ 20 سنة. منذ وفاة والدتي أصبحت أختي هي التي ترعى والدي في كل شيء فهو لا يستطيع القيام بأي شيء بدونها. ولكن حدث لنا ماعكر صفو حياتنا الهادئة. ففي شهر فبراير 2003 وقعت مشادة كلامية بين أبي وحفيده حسين و لم يتردد هذا الأخير عن الاعتداء بالعنف على جده حيث سدد له لكمة على رأسه. ومنذ ذلك اليوم قمت بطرده من المنزل نظرا لأنه شاب مستهتر و فاشل دراسيا و عاق لأمه و جده بالإضافة إلى أنه لا يتردد في بعض الأحيان في سرقة بعض محتويات البيت.و لكن أختي لم تستطع الابتعاد عن ابنها ووضعتني أمام الأمر المقضي : إما أن نرجع ابنها إلى البيت لكي يقيم معنا من جديد وتواصل هي الاعتناء بوالدي و إما أن تغادرنا لكي تلتحق بابنها وتترك لي وحدي مسؤولية الاعتناء بوالدي. هذا مع العلم أن والدي قرر الصفح عن حفيده حسين وذلك اضطرارا منه لكي تبقى ابنته بجانبه بما أننا لا نستطيع الاستغناء عنها كليا.سيدي الشيخ : هل أطيع والدي وأرجع هذا الحفيد العاق إلى البيت ؟هل أختي لها الحق عندما تفضل العناية بابنها العاق عوض أن تعتني بأبيها المسن ؟أرجو منكم إنارتي حول هذه المشكلة العائلية وإجابتي عن طريق البريد الإلكتروني في أقرب وقت. وجزاكم الله خيراعبد الله من تونس

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأتم أنتم الثلاثة كل واحد منكم في ما فعل، فأما ابن أختك فهو أشدكم خطأ، لأن ضرب الوالد من أعظم العقوق، وخاصة عندما يكون قد بلغ سن الشيخوخة، قال تعالى:

إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً(الاسراء: من الآية23)، فاين اللكمة على الرأس من هذا؟ ولا فرق في وجوب البر بين الآباء والأجداد، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9213، ثم خطأ أختك هو في كونها تركت أباها في هذه السن، ولكنك أنت الذي حملتها على ذلك بطردك ابنها عن البيت، فلا يعقل أن أما ستصبر على فراق ابنها الوحيد، فهي معذورة من جهة وغير معذورة من جهة، وفي هذا رد على سؤالك الأخير.

وأما خطؤك أنت فهو -كما قلت- في طردك ابن اختك من المنزل، فاستهتاره وفشله في الدراسة وعقوقه لأمه وجده وجموحه إلى السرقة لا تبرر طرده، وإنما تؤكد العناية به ورعايته والاستعانة في أمره بأهل المعرفة والصلاح.

وأما ما سألت عنه من إرجاعه فهو واجب من عدة نواح، وذلك لأنه طاعة لوالدك، ولأنه رفق بأختك، ولأنه الأولى به هو بدل إسلامه للجرائم والآثام، ولأنه رجوع من الخطإ إلى الصواب.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني