الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطوات عملية لإصلاح النفس الأمارة بالسوء

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
مما تبين لي والله أعلم أن الذنوب قسمان، ذنوب آتية من وسوسة الشيطان وذنوب آتية من النفس وهواها، هل هذا صحيح، فإذا كان كذلك فكيف نفرق بأن هذا الذنب كان من وسوسة الشيطان، أم أنه من النفس وهواها، وما هي الخطوات التي من خلالها إن شاء الله تخمد مضلات النفس وهوها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ألد أعداء الإنسان هما الشيطان ونفسه التي بين جنبيه، قال الله تعالى: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا {فاطر:6}، وقال أيضاً: أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ {يس:60}، وقال تعالى: وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا {النساء:60}، وقال تعالى: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ {المائدة:91}، إلى غير ذلك من آيات كثيرة توضح عداوة الشيطان للإنسان وأنه له بالمرصاد.

وقال عن نفس الإنسان: إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ {يوسف:53}، ولعظيم شأن النفس أقسم الله تعالى بها في أكثر من موضع في القرآن، فقال سبحانه: وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ {القيامة:2}، وقال تعالى أيضاً: وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا {الشمس:7}.

ولقد نهانا الله نهياً شديداً عن اتباع هوى النفس، فقال سبحانه وتعالى: إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ {النجم:23}، وقال أيضاً: وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ {ص:26}، وقال تعالى: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ {الجاثية:23},

واعلم أن النفس الأمارة بالسوء إنما كانت كذلك لاستجابتها لوسوسة الشيطان، قال السعدي رحمه الله عند قوله تعالى (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) قال: أي لكثيرة الأمر لصاحبها بالسوء، أي الفاحشة وسائر الذنوب، فإنها مركب الشيطان ومنها يدخل على الإنسان. انتهى.

وأما الخطوات التي لو اتبعتها تصلح بها نفسك الأمارة بالسوء، فهي أولاً المشارطة: وذلك بأن تشترط عليها أن تقلع عن السوء، وأن تلزم تقوى الله وطاعته وحبذا لو كان ذلك منك في كل صباح حتى تصل إلى ما تريد.

ثانياً: بالمراقبة: بأن تراقب نفسك هل هي فعلاً قد أوفت بما اشترطته عليها أم لا.

ثم ثالثاً: المحاسبة: بأن تحاسبها على الأفعال والأقوال.

ثم رابعاً: المجاهدة بأن تقصرها قصراً على طاعة الله وتلزمها إلزاماً بمخالفة الهوى والشيطان، وراجع تفصيل هذه الخطوات في كتاب (مختصر منهاج القاصدين)، والكتاب نافع كله، خاصة رُبع (المهلكات) ورُبع (المنجيات)، ومع اتباع الخطوات الآنف ذكرها أكثر من دعاء الله أن يكفيك شر نفسك، والله نسأل أن يلهمنا رشدنا ويعيذنا من شر نفوسنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني