الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

غير المبشرين بالجنة هم من أهل الجنة على سبيل العموم

السؤال

يقول ابن حزم رحمه الله تعالى: الصحابة كلهم من أهل الجنة قطعا لقوله تعالى: (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح..... إلى قوله تعالى (وكلا وعد الله الحسنى) مع قوله تعالى (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون)، فثبت أنهم موعودون بالجنة ومبعدون عن النار، ولكن كيف يتوافق هذا مع تعيينه صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة أنهم من أهل الجنة، فلو كان كلهم كذلك لم يكن لهذا التقييد من معنى، فما هو الصواب في هذه المسألة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من ثبت بالنص الشرعي، أنه من أهل الجنة على سبيل التعيين شهد له بذلك على سبيل القطع، وذلك كالعشرة المبشرين بالجنة: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وأبي عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد رضي الله عن الجميع، وكذا بلال وعبد الله بن سلام، والمرأة التي كانت تصرع، وجعفر بن أبي طالب وغيرهم ممن ثبت بالنص أنه من أهل الجنة.

وأما أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الآخرون الذين ماتوا على الإيمان، فنشهد لهم بأنهم من أهل الجنة من حيث العموم، كما قال الله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {التوبة:100}، وقال سبحانه: لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {الحديد:10}.

والفرق بين الأمرين أن الأول ثبت بالنص وهو أقوى دلالة مما أخذ بالاستنباط، إضافة إلى أن دخول عموم الصحابة مبني على الوعد بالثواب على أعمالهم، والوعد لا بد فيه من تحقق الشروط وانتفاء الموانع، كما قال شيخ الإسلام، فلا بد من ابتعاد راجي هذا الثواب من الكبائر الموجبة للدخول في النار، والمواظبة على الأعمال الصالحة المانعة من دخولها، فإن فرط في الطاعات أو قارف المحظورات، فإنه يخاف عليه إن لم يعف الله عنه، فقد يدخل بعضهم النار ليطهر كما حصل في كركرة الذي أخذ الشملة، ثم بعد طهارته سيدخل الجنة إن شاء الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني